هنا وصف شخصية المجتمع العربي ذاته كمجتمع سعيد وإبراز مقومات هذه السعادة.
ولكن مع ذلك فالمؤرخ يقدم نغمة واضحة في حديثه، فمن الواضح أنه يتحدث هنا عن المجتمع العربي الحضري، فهو يتحدث عن الزراعة والتجارة والمدن ويسمي السكان باسم العرب arabes مقابلًا بذلك بينهم وبين المجتمع البدوي وسكان من الأعراب الذين أسماهم سراكيني Saraceni كما رأينا في أحد نصوصه التي أسلفت ذكرها. على أننا رغم ذلك يجب أن نحترس من التعميم الذي وقع فيه حين أضفى وصفه في مقومات ما يوجد فيه المجتمع العربي الحضري من السعادة على كل طبقات هذا المجتمع، فقد كانت هناك طبقات ترزح تحت وطأة المعاناة حتى في أغنى مناطق شبه الجزيرة العربية وهي المنطقة الجنوبية الغربية بالذات "اليمن" التي أسماها الكتاب الكلاسيكيون باسم "العرب الميمونة" ك.
وأختم الحديث بثالث المؤرخين الكلاسيكيين البارزين الذين ظهروا في المرحلة المتأخرة من العصر الإمبراطوري الروماني والذين تعرضوا في كتاباتهم للعرب أو لشبه الجزيرة العربية، وهو المؤرخ بروكوبيوس PROKOPIOS الذي ولد في فلسطين وكان أحد رجال الحاشية في عهد بوستنيانوس "جستنيان" الأول وأصبح أمينًا للقائد البيزنطي بليزاريوس belisarios في ٥٢٧م, وفي صحبته زار إيطاليا وولاية إفريقية "تونس وجزء من الجزائر الحالية" وآسيا الصغرى، ثم عاد معه إلى القسطنطينية في عام ٥٤٢م. ورقى إلى مرتبة lllustris أي واحد
ك راجع الحديث عن الوضع الاجتماعي في الباب التاسع من هذه الدراسة.