للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهذه الأجيال من العرب وكأنه تاريخ تقليدي لا يختلف كثيرا عن تواريخ سابقيه"٣٦.

والملاحظة العامة الثانية على الكتابات العربية التي ظهرت في العصر الإسلامي فيما يتعلق بتاريخ شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، تخص مسألة المصادر التي اعتمدوا عليها, أو كان من المفترض أن يعتمدوا عليها طالما أنهم لم يعاصروا الفترة التي يكتبون عنها. وأذكر هذا وفي ذهني ما عمد إليه بعض الكتاب الكلاسيكيين الذين كتبوا عن أحوال شبه الجزيرة في أوقات سابقة لزمنهم فحرصوا على أن يذكروا مصادرهم من الكتاب السابقين الذين كانوا معاصرين لما كتبوا عنه، كما هو الحال عند سترابون الجغرافي اليوناني الذي حرص حرصا كاملا على أن يذكر لنا كلما تطرق إلى فترة سابقة لعصره أن يرد ما ذكره إلى إراتوستنيس أو أريستوبولوس أو أرتميدوروس أو غيرهم ممن عاصروا ما كتبوا عنه بل عاينوه على الطبيعة في أغلب الأحوال إن لم يكن في كل الأحوال٣٧. أما فيما يخص مسألة المصادر عند كتاب العصر الإسلامي فهم إما لا يذكرونها على الإطلاق وهو الأمر السائد في كتاباتهم، أو أنهم يذكرون بعض المصادر الفارسية أو البيزنطية، ولكن في مجال الحديث عن ملوك الفرس والبيزنطيين وليس عن أحوال شبه الجزيرة، كما فعل حمزة الأصفهاني الذي دون تأريخه في أواسط القرن الرابع الهجري "العاشر الميلادي"، أو أن يتخذوا مصدرا لهم الأخباريين الأول مثل عبيد بن شرية أو ابن الكلبي من كتاب صدر الإسلام وهؤلاء لم يعاصروا ما كتبوا عنه٣٨.


٣٦ سعد زغلول عبد الحميد: في تاريخ العرب قبل الإسلام, بيروت، ١٩٧٥، ص٥٩.
٣٧ راجع القسم الأول من هذا الباب.
٣٨ كان حمزة الأصفهاني إيرانيًّا ومن ثم على دراية باللغة الفارسية, كما كان يلجأ إلى من يترجم له الكتب البيزنطية "المكتوبة باللغة اليونانية الوسطى". عن حرصه على الرجوع إلى هذه المراجع "وإن كان فيما يخص تاريخ الفرس والبيزنطيين" راجع، سعد زغلول عبد الحميد: المرجع ذاته, صفحات ٤٧-٤٨. رجوع المؤرخين الإسلاميين إلى الأخباريين الأول كمصدر، نجده، على سبيل المثال، عند الطبري: تاريخ الرسل والملوك، القاهرة، ١٩٦٠، وعند المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، القاهرة، ١٩٨٥.

<<  <   >  >>