للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أغنى الجميع "يقصد سكان شبه الجزيرة العربية" فلديهم قدر كبير من الأدوات المصنوعة من الذهب والفضة مثل: النمارق والكراسي والأوعية وكئوس الشراب، كما تتصف منازلهم بالبذخ إذ إن أبوابها وجدرانها وسقوفها مطعمة بالعاج والذهب والفضة ومرصعة بالأحجار الكريمة"٢٦.

ولكن إذا كانت مظاهر الثروة في بعض مناطق شبه الجزيرة قد ذكرت في المصادر الكتابية بشكل مبالغ فيه في بعض الجوانب, فإن الحديث عنها ليس خاليًا من أساس حقيقي، يدعم ذلك عدد من الأدلة الأثرية في أكثر من منطقة. ففي سبأ, على سبيل المثال، لا تزال هناك بقايا من أسوار المدن والأبراج والمعابد مثل معبد المقه إله القمر، والقصور ومجموعات الأعمدة والتماثيل، وسد مأرب الذي كان يحجز وراءه كميات هائلة من المياه تمرّر من خلال أنفاق في جسم السد لها أبواب تفتح عند اللزوم لأغراض الري. وكل هذا دليل على موارد هائلة من الثروة كانت تتمتع بها المنطقة، كما تؤكد ذلك مجموعات العملة التي ترجع إلى عهد الملوك السبئيين والملوك السبئيين الحميريين، وهي عملة كانت تضرب منذ القرن الثالث ق. م. على خط العملة الأثينية التي وجدت طريقها إلى المنطقة مع القوافل التجارية الآتية من غزة. كما كانت تتبع الوزن البابلي الشائع٢٧ -وهي إشارات تدل على مدى نشاط تجارة هذه المنطقة من الجزيرة العربية, سواء مع وادي الرافدين أو مع شواطئ البحر المتوسط، ومن ثم الرخاء والثروة المترتبان على ذلك.

وفي الأقسام الأخرى من شبه الجزيرة تجد في المنطقة التي كانت فيها إمارة الأنباط الأضرحة المنحوتة في الصخر في مدائن صالح -في شمال غربي السعودية- والبتراء -بالأردن- في مهارة فنية فائقة وبشكل يشير في مجموعه


٢٦ منقول في سترابون، strabo:XVI,٤: ١٩.
٢٧ G.C. Andersen ج١٠، ص٢٤٩. انظر كذلك عن سد مأرب وعن أحد التماثيل ملحق اللوحات، لوحتا ٤أ، ٩أ.

<<  <   >  >>