للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إشارة لنا أن نستنتج منها عدم وجود موانئ على الشاطئ٣٧. وهكذا يبدو لنا أن نعتبر أن هذه الطريق كانت مهمتها الأساسية, وربما الوحيدة، أن تتبعها قوافل القرفة "سواء أكانت هذه القوافل لتجار من منطقة القرفة، أم لتجار أتوا إليها من الغرب وعادوا بأحمال القرفة" متجهة نحو الغرب حتى تتجمع في تمنع "عاصمة قتبان" عند بداية خط القوافل المتجهة شمالًا. وهو استنتاج يؤيده ما يذكره لنا الكاتب الموسوعي بلينيوس الذي نعرف منه أن ملك قتبان كان الوحيد الذي يتحكم في تجارة القرفة٣٨.

والطريق الثانية تنطلق كذلك من القسم الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة، متخذة اتجاها شماليا إلى جرهاء GERRHA وهي مدينة من المرجح أن موقعها كان على مقربة من ميناء العقير الحالية "شمال شرقي الهفوف" في وسط ساحل شبه الجزيرة المطلّ على الخليج. ويبدو أن نشاط هذا الخط التجاري كان مكثفًا إلى حد كبير، فجرهاء كانت إحدى المنطقتين التي أفاض الكتاب الكلاسيكيون في وصف سكانهما بالثراء الذي يصل إلى حد البذخ، كما يبدو أن هذا النشاط التجاري يرجع إلى فترات زمنية موغلة في القدم، كما تدل على ذلك آثار الأماكن القريبة منها في الدوسرية وجزيرة تاروت وأبقيق وكلها تشير إلى علاقة حضارية قوية مع حضارة عصر العُبيد -بضم العين- التي سادت وادي الرافدين في أواسط الألف الرابعة ق. م. أما عن نشاط هذه الطريق في العصر المتأغرق "عصر ما بعد الإسكندر الأكبر خلال القرون الثلاثة الأخيرة ق. م.", فتدل عليه, إلى جانب ما ذكره الكتاب الكلاسيكيون، الآثار التي وجدت في منطقة الفاو بوادي الدواسر في منطقة نجد والتي ترجع إلى حوالي ٣٠٠ ق. م. وهي منطقة يشير موقعها أنها كانت إحدى المحطات


٣٧ منقول في strabo: XVI, ٤:٤.
٣٨ plinIus: XII, ٩٣.

<<  <   >  >>