للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد أن يتحدث عن اختيار قبيلته إياه سيدًا عليها يلخص مغزى الثأر بالنسبة لها "وفي الواقع بالنسبة لأية قبيلة أخرى" حين يقول:

ولكنني أحمي حماها، وأتقي ... أذاها، وأرمي من رماها بمنكب٢٧

وإذا كانت العصبية والثأر هما عاملا التماسك بالنسبة لكيان القبيلة, فإن الحرص عليهما لم يكن قاصرًا على رجال القبيلة فحسب، بل كان يتعدى ذلك إلى نسائها اللائي كن يحرصن عليهما بكل الطرق، بما في ذلك تحريض الرجال بكافة الطرق على التمسك بهذين العاملين اللذين أصبحا محورا أساسيا لحياة القبيلة وبمساعدتهن لهم على تنفيذهما والوقوف إلى جانبهم حتى في ميدان القتال، كما يبدو واضحًا من أبيات عمرو بن كلثوم في وصف أحد لقاءات الحرب:

على آثارنا بيض حسان ... نحاذر أن تقسّم أو تهونا

أخذن على بعولتهن عهدًا ... إذا لاقوا كتائب معلمينا

ليستلبُنَّ أفراسا وبيضا ... وأسرى في الحديد مقرنينا

يقُتْن جيادنا ويقلن: لستم ... بعولتنا إذا لم تمنعونا

إذا لم نحمهن، فلا بقينا ... لشيء، بعدهن، ولا حيينا٢٨

أما العامل الثالث الذي ساعد على التماسك القبلي فهو الاشتراك على المشاع في الكلأ الذي يوجد حيث تحل القبيلة، كما أشرت في مناسبة سابقة. إن هذا النظام أملته ظروف البادية على المجتمع القبلي من حيث هو ضرورة


٢٧ هذا البيت والأبيات السابقة في شيخو والبستاني: المجاني، صفحات ٢٩٢-٢٩٣، أبيات ١-٤، ٧، ١٠.
٢٨ شيخو والبستاني: ذاته، ص١٣٥، أبيات ٧٧، ٧٩-٨٠، ٨٢-٨٣.

<<  <   >  >>