للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اقتصادية لا يمكن إغفالها أو تجاوزها، ولكنه في الوقت ذاته كان عاملًا من عوامل التماسك الاجتماعي بين أفراد القبيلة حول قيمة حيوية بالنسبة لهم -يعيشون فيها ويذودون عنها، وفي كل الأحوال يلتفون حولها متضامنين فيما يقدمون عليه سواء كان انتفاعا أو دفاعا.

فإذا خرجنا عن نطاق التكوينات القبلية إلى تكوينات ذات المجتمعات الكبيرة مثل تلك التي كانت موجودة في القسم الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة حين تزدهر الزراعة وتوجد الغابات الممتدة من أشجار الطيوب وقدر لا بأس به من أعمال الصناعة والتعدين وجدنا كذلك إشارات متواترة، سواء في النقوش التي عثر عليها المنقبون الأثريون أو في الكتابات التي تركها لنا الكتاب الكلاسيكيون، إلى عدد من الممارسات في الحياة اليومية يؤدي إلى التماسك في جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية. وفي المجال يبدو أن فكرة الملكية "الامتلاك" الجماعية كانت معروفة في المنطقة بين أفراد الأسرة الواحدة على الأقل، يشير إلى ذلك سترابون ذاكرًا أن السيطرة على هذه الأملاك الجماعية كانت في يد الأخ الأكبر، ونحن نجد تأييدًا لهذا فيما ذكره بلينيوس الذي سبقت الإشارة إلى حديثه عن ملكية جماعية بين ٣٠٠٠ أسرة لجميع أشجار الطيوب الموجودة في دول الجنوب ولحق الاتجار في نتاج هذه الأشجار، وأضيف هنا أن هذا الكاتب يخوض في تفصيل كيفية هذا الانتفاع الجماعي فيذكر أن هناك من يقول: إن "مجموعات من" هذه الأسر تتناوب هذا الانتفاع من سنة إلى سنة وأن هناك من يقول: إن أرباح النتاج تقسم على كل الأسر سنويًّا، وسواء كان هذا أو ذاك ففكرة الملكية الجماعية والانتفاع الجماعي حسب تنظيم أو آخر قائمة في الحالين٢٩.


٢٩ جماعية الملكية في الأسرة في strabo: XVI, ٤, ٢٥، الملكية الجماعية لأشجار الطيوب وطرق الانتفاع بنتاجها في plinius: HN, XII, ٥٤.

<<  <   >  >>