على هذه التجمعات القبلية. وجدير بالذكر هنا أن هؤلاء الزعماء أصبح يشار إليهم في النصوص الآشورية التي ترجع إلى هذه المرحلة على أنهم ملوك أو "ملكات" لبلاد العرب, وليس مجرد إشارة بدون لقب كما رأينا في حالة جندبو العربي، وهو أمر قد يدل على أن تنظيم التجمعات القبلية العربية قد أصبح أكثر رسوخًا. وهكذا نرى الملك الآشوري أسرحدون "٦٨٠-٦٦٩ ق. م." يعين الملكة العربية "تاربوا" التي نشأت في قصر والده سنحاريب ملكة على العرب. ونجده في مناسبة ثانية، بعد أن توفي حزائيل الملك العربي، ينصب ابنه ياتع ملكًا. كما نجده في مناسبة ثالثة يعفو عن ملك مدينة يادع الذي استطاع أن يهرب من وجه جيوش الملك الآشوري في إحدى حملاته، فيعفو عنه هذا ويعينه ملكًا على بلاد "بازو"١٣.
أما من جانب العرب فقد بدا موقفهم في هذه المرحلة الجديدة أكثر إيجابيةً من المرحلة السابقة, فلم يعد موقفهم قاصرا على التصدي لحملات الملوك الآشوريين أو الهرب في بعض الأحيان من وجهها, وإنما بدءوا ينتهزون فرص التخلخل الذي بدأ يصيب الدولة الآشورية من الداخل والتي اتخذت شكل نزاعات على العرش صاحبتها ثورات داخلية في بعض الأحيان. ففي عهد الملك سنحاريب "٧٠٤-٦٨١ ق. م." قام أحد الزعماء الكلدانيين في بابل، وهو مردوخ بلادان، بثورة ضد الملك. ويحدثنا سنحاريب في نقش سجل عليه انتصاره على هذا الثائر أن من بين الأقوام التي اشتركت في تدعيم هذه الثورة عربًا وآراميين وكلدانيين وأن هؤلاء, بما فيهم العرب المشار إليهم، كانوا يسكنون مدن الوركاء ونفر وكيش وسبار. وحقيقة إن هذه المناطق تقع داخل وادي الرافدين، أي: ضمن حدود الدولة الآشورية، إلا أن الملك يذكر أنه في أثناء عودته إلى عاصمته حارب مجموعة من القبائل يعدد
١٣ النص الخاص بتاربوا وياتع في anet صفحات ٢٩١-٢٩٢. نص ملك يادع في مجموعة arab, ج٢, نص رقم ٥٣٨.