للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مناسبة لاستمالة الأنباط في "أقصى الطرف الغربي للهلال الخصيب" إلى جانبه في عدائه للملك آشور بانيبال، وبعد عدد من المحاولات ينجح أبو ياتع في استمالة الأنباط لمحاربة الآشوريين, لا لصد هجمات آشور بانيبال، ولكن هذه المرة لمهاجمة حدود الدولة الآشورية ذاتها بتدعيم من "نانتو" زعيم الأنباط١٦.

وقد سقطت الدولة الآشورية في ٦١٢ ق. م. تحت ضربات القوتين المتحالفتين؛ الكلدانيين من "بابل" والميديين "من إيران". وبسقوط هذه الدولة قامت الدولة الكلدانية "أو الدولة البابلية الحديثة" في وادي الرافدين، وبدأ تطور جديد في العلاقات الخارجية العربية مع هذه المنطقة.

وإذا كانت العلاقات الخارجية بين العرب ومنطقة وادي الرافدين قد اتخذت في عهد الآشوريين منطلقًا اقتصاديًّا يحاول فيه الآشوريون بسط نفوذهم على المواقع الأساسية للطرق التجارية البرية في الغرب من جهة، ويحاول العرب، ضمن الأقوام الأخرى أحيانا ووحدهم في أحيان أخرى، أن يقابلوا هذا الاتجاه الآشوري بتصدٍّ وصل إلى درجة الإيجابية الهجومية في بعض المناسبات من جهة أخرى، فإن ظروف الدولة البابلية الحديثة قد دفعتها إلى اتخاذ موقف من علاقاتها مع العرب لم يصل إليه الآشوريون من قبل، وكان محور هذه الظروف هو الوضع الاقتصادي المتدهور الذي وجدت الدولة الجديدة نفسها مقبلة عليه.

وقد كان هناك سببانِ أديا إلى هذا الوضع, وأول هذين السببين هو أن سقوط الدولة الآشورية أتاح فرصة ذهبية أمام عدد من القبائل العربية


١٦ النص في anet ص٢٩٩. عن المطابقة بين لفظة: nabaiati الواردة في النص وبين الأنباط المعروفين تاريخيًّا راجع، رضا جواد الهاشمي: ذاته, ص ٦٥٩. عن رأي معارض لذلك راجع، hitti ذاته، ص٦٧، حاشية١.

<<  <   >  >>