للصلة بين منطقة البحرين والفينيقيين، نصا واستنتاجا، أما النص فهو للرحالة المؤرخ الجغرافي اليوناني سترابون strabo الذي كتب في أواخر القرن الأول ق. م. وأوائل القرن الأول الميلادي، وفيه يتحدث عن الخليج الذي تطل عليه منطقة البحرين فيشير فيه إلى جزيرتين هما: أرادوس arados وصور tyros ويحدثنا أن بهاتين الجزيرتين معابد تشبه معابد الفينيقيين وأن أهل الجزيرتين يؤكدون أن المدن والجزر الفينيقية التي تحمل هذين الاسمين "يشير إلى ميناء إرواد وإلى ميناء صور التي كانت في أصلها جزيرة ربط الفينيقيون بينها وبين الساحل السوري" هي مستوطنات لهم "أي لأهل جزيرتي الخليج"٢٧. وأما الاستنتاج فهو أن الفينيقيين حين ظهروا لأول مرة على مسرح التاريخ في مدنهم على الساحل السوري، ظهروا كملاحين مهرة دون أن نعرفهم في فترة بدائية فيها فن الملاحة وتدربوا عليه حتى وصلوا إلى درجة الصقل والإجادة -وهذا يرجح، استنتاجين: أنهم لا بد وقد مروا بهذه المرحلة التمهيدية على شواطئ أخرى قبل وصولهم إلى الشاطيء السوري. ومن هنا، وفي ضوء النص الذي أورده سترابون, تبرز منطقة البحرين كموطن أصلي محتمل هاجر منه الفينيقيون إلى الشاطئ السوري.
كذلك فأود أن أشير فيما يخص منطقة البحرين أن علاقات حضارية قديمة وجدت بينها وبين وادي الرافدين في الفترة المعاصرة لثقافة العُبَيْد "٤٠٠٠ - ٣٣٠٠ ق. م." وللحضارة السومرية في عصر فجر السلالات السومرية "٢٧٥٠ - ٢٣٠٠ ق. م" يدل على ذلك قدر لا بأس به من الآثار التي كشف عنها المنقبون الأثريون, من بينها قطع من الفخار المصنوع والمزخرف على النمط العبيدي والمعاصر لثقافة العبيد في وادي الرافدين عثر عليها في موقع الدوسرية على الشاطئ الغربي للخليج العربي "جنوبي الجبيل".
٢٧ عن الجزر الواقعة في الخليج Strabo: XVI, ٣, ٤. عن المدن ذاتها على الشاطئ السوري، الكاتب ذاته: XVI,٢,١٥.