للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قالوا حرامٌ قل حرامٌ ... ولكن اللذاذةَ في الحرامِ

وقوله١:

الرَّاح شيء عجيبٌ أنت شاربها ... فاشرب وإن حَمَّلَتْك الراحُ أوزارا

يا مَنْ يلوم على حمراءَ صافيةٍ ... صِرْ في الجنان ودعني أسكن النارا

ودفعه ذلك إلى كثير من الإلحاد، يذيعه في خمرياته، متعابثًا متماجنًا، وأكثر هذا التباعث والتماجن إنما كان يأتيه في أثناء سكره وشربه، فهو ليس إلحادًا صادرًا من قلبه، وإنما هو عربدة وخلاعة، حتى لينكر البعث والنشور، في مثل قوله٢:

وملحة باللوم تحسب أنني ... بالجهل أوثر صحبة الشُّطَّار

بكرت عليّ تلُومني فأجبتها ... إني لأعرف مذهب الأبرارِ

فَدَعي الملام فقد أطعت غوايتي ... وصرفتُ معرفتي إلى الإنكار

ورأيت إتياني اللذاذة والهوى ... وتعجُّلًا من طيب هذي الدار

أحرى وأحزم من تنطُّر آجلٍ ... علمي به رَجْمٌ من الأخبار

ما جاءنا أحد يخبر أنه ... في جنةٍ من مات أو في النار

ولم يكن الحسين بن الضحاك يقل عنه خلاعة. وكان مثله يكثر من الغزل بالغلمان، ويظهر أنه كان من ذوق هذا العصر ومُجَّانِهِ الآثمين أن يكون الغلام ألثغ أغن الصوت، يتطيب، ويصفف شعره ويجعله كالعقرب على صُدغة، يقول الحسين في غلام٣:

بأبي ماجن السريـ ... ـرة يبدي تَعَفُّفًا

حَفَّ أصداغه وَعَقْـ ... ـرَبها ثم صَفَّفَا

وحَشا مَدْرَجَ القُصا ... ص بمسكٍ ورصَّفا

ويَرْوي الأغاني للحسين كثيرًا من المقطوعات في وصف الغلمان، مما يدل


١ الديوان ص٢٨٣.
٢ انظر الموشح للمرزباني ص٢٧٨ وما بعدها، والوساطة بين المتنبي وخصومه "طبعة الحلبي" ص٦٣ وما بعدها.
٣ أغاني "طبعة دار الكتب" ٧/ ١٨٠.

<<  <   >  >>