هذه الموجة العنيفة من الغناء والرقص في الحجاز في أثناء العصر الإسلامي هي التي أعدت لما نراه من تطور يحدث في موسيقى الشعر الغنائي؛ فقد قلَّ النظم على الأوزان الطويلة التي عُرفت في العصر الجاهلي من مثل البسيط والطويل والكامل، وحلَّت محلها أوزان أخرى كثر النظم فيها من مثل الوافر والمديد والسريع والخفيف والرمل والمتقارب والهزج، وقد يأتي الشعر على الأوزان الطويلة؛ ولكن بعد أن تحوَّر وتجزَّأ كهذا الغناء المجزأ الذي كان يصحبها والذي أشار إليه إسحاق في نصه السابق.
ونحن نحس إزاء هذا التطور أن المغنين كانوا يلقون كثيرًا من العناء في إحكام أصواتهم ونغماتهم حتى يشاكلوا بينها وبين الأشعار التي يغنونها، وحتى لا يخرجوا بهذه الأشعار التي يلحنونها عن إيقاعاتها الموسيقية الخاصة، وأقبل الشعراء يحاولون التخفيف عنهم باقتراح أوزان لم تكن شائعة في الشعر القديم، أو كانت شائعة ولكنهم رأوا أن يعدلوا فيها حتى تتلائم وهذا الغناء الذي كانت