لا نكاد نمضي في صدر القرن الخامس الهجري حتى نرى الدولة الأموية التي أقام صرحها عبد الرحمن الداخل وأبناؤه تتحكم ويحل مكانها نظام جديد، يقوم على أن تحكم كل مدينة كبيرة في الأندلس نفسها بنفسها، ويعرف هذا النظام باسم نظام ملوك الطوائف؛ إذ أصبح في كل مدينة فرد أو أسرة تحكمها حكمًا منظمًا، وقد اشتد التنافس بين هذه المدن، واستطاعت الأندلس عن طريق هذا التنافس أن تظفر بأكبر حظ من النشاط العلمي والأدبي؛ إذ كان كل أمير، أو ملك -كما كانوا يسمونه- يريد أن يبذَّ من حوله في القوة والسلطان والثروة المادية والعقلية والفنية. وإن الإنسان ليحس تشابها -من بعض الوجوه- بين نظام