للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: التصنع والتلفيق]

[ميهار أصله وتشيعه ومزاجه]

...

الفصل الثالث: التَّصَنُّعُ والتَّلْفيقُ

في كلِّ نادٍ نازحٌ غائبُ ... لها حديث بكم حاضرُ

تعرِضُ أيَّام التهاني بها ... ما تعرِضُ المعشوقةُ العاطر

تميس منها بين أيّامكم ... خاطرة يتبعها الخاطرُ

لثَّمَها التحصينُ عن غيركم ... وهي على أبوابِكُم سافرُ

مهيار

١- مهيار، أصلُه وتشيُّعُهُ ومِزَاجُهُ:

قلنا في آخر الفصل السابق: إن الشعر العربي انتهى إلى ظاهرة عامة من التَّلفيق في خواطره وصنع عباراته وأساليبه، ولعل خير شاعر يفسر هذا الجانب هو مهيار بن مرزويه الدَّيلمي الفارسي الأصل، ولد في بغداد على ما يظهر حول سنة ٣٦٠ للهجرة ونشأ مجوسيًّا على دين آبائه، وعني أبوه بتعليمه العربية؛ فلما شبَّ التحق كاتبًا بالدواوين. ولزم الشريف الرضي، وأسلم على يديه سنة ٣٩٤ وعليه تخرج في الشعر١، وهو فيه تلميذ له حقًّا؛ سواء في مدائحه أو في غزله الحجازي أو البدوي، وإن كنا نلاحظ عنده أنه شديد الزُّلْفى وأنه لا يكاد يترك أميرًا بويهيًّا ولا خليفة ولا وزيرًا ولا عينًا من أعيان بلدته إلا ويمدحه. وليس في ديوانه أثر واضح لفارسيته سوى شعوبية تتردد في تضاعيفه، وقد ذكر في مديحه لفخر الملك نار السَّذق، وهو عيد مجوسي للنار، فقال:

وكل نار على العشَّاقِ مضرمةٌ ... من نَارِ قلْبي أو من ليلةِ السَّذقِ


١ وفَيَاتُ الأعيان: لابن خلِّكَان ٢/ ١٤٩.

<<  <   >  >>