رأينا في غير هذا الموضع أن العرب أخذوا منذ الفتوح الإسلامية يحاولون التعرف على ثقافات الأجانب ومعارفهم؛ إذ كانوا ناشرين للدين الإسلامي واصطدموا بيهود ونصارى ومجوس ودهرية يناقشونهم ويناظرونهم في مسائل الدين.
ورأوا عندهم من أساليب النظر والاستدلال ما دفعهم إلى معرفة تلك الأساليب وما كانت تتأثر به من آراء فلسفية. وأيضًا فإن الموالي أقبلوا على الإسلام. وكانوا من أجناس مختلفة، منهم الفارس والهندي والشامي والمصري، والعراقي، وأخذوا ينشرون بين العرب ما عرفوا في لغاتهم الأصلية من ثقافات ومن معارف ونزعات. وكانت هناك مدارس ودوائر علمية في جند نيسابور وفي الرها ونصيبين وحران وفي قنسرين وأنطاكية وفي الإسكندرية، وتسرب كثير مما كان يدور في تلك المدارس إلى الأديرة.