بمنهج جديد لا من حيث الموضوعات ولا من حيث المعاني ولا من حيث الأخيلة والأساليب، إنما كل ما هنالك أنها تستطيع أن تفخر بشعراء يعيشون في إطار الشعر العباسي العام، وهم يعيشون في هذا الإطار معيشة مضطربة؛ إذ نرى الشاعر الواحد يخلط بين مذاهب الفن العباسي خلطًا شديدًا، فهو تارة صانع يفيض بالشعور ولا يجعل للزخرف سبيلًا إليه كما رأينا عند ابن دراج في وداعه لزوجه وطفله، وتارة نراه متصنعًا يعنى بالتصنع للثقافات، كما يعنى بالغريب والأنساب والأمثال والاقتباس من القرآن الكريم على نحو ما رأينا عند ابن دراج أيضًا، ثم هو أخيرًا مصنع، يشفع شعره بألوان التصنيع والزخرف العباسي من جناس وطباق وتصوير، على نحو ما مر بنا عند ابن دراج. وهكذا نرى الشاعر الأندلسي يجمع في شعره بين جميع المذاهب العباسية، وهذا هو معنى ما نقول من أن الشعراء الأندلسيين يخلطون خلطًا شديدًا بين المذاهب الفنية للشعر العربي؛ إذ يستعيرون منها جميعًا بدون تفريق ولا اختلاف في التطبيق. على أنه ينبغي أن نتريث قليلًا في هذا الحكم العام على الأندلس وشعرائها حتى نرى شعرهم وما أصابه من نهضة في عصر ملوك الطوائف.