لاذعًا يشبه عبث أصحاب الصور "الكاريكاتورية"؛ فهو يقف عند نواحي الضعف ويكبرها ويظهرها في أوسع صورة لها، حتى ليثير الضحك والإشفاق على من يتناوله منهم؛ إذ يصنع بهم صنيع أصحاب الصور "الكاريكاتورية" فهم يضعون رأسًا كبيرًا على جسم صغير، أو يخالفون في أعضاء الجسم فيركبونها عليه تارة بالطول وتارة بالعرض، وهو تركيب مضحك في كل صوره وهيئاته، وكذلك كان ابن الرومي يتناول من يهجوه فيشوهه تشويهًا غريبًا، مستخدمًا ما يمتاز به من بعض النقائص الجسدية، وانظر إليه يقول في الأحدب الذي كان يتطير به:
قصُرت أخادعُه وغاب قذالُهُ ... فكأنَّه متربِّص أن يُصفعا١
وكأنما صفعت قفاه مرَّة ... وأحسَّ ثانيةً لها فتجمَّعا
ويقول في بعض مهجويه:
وجهكَ يا عمرو فيه طولُ ... وفي وجوهِ الكلابِ طولُ
والكلبُ وافٍ وفيك غدرٌ ... ففيك عن قدره سُفُولُ
وقد يحامي عن المواشي ... وما تحامي ولا تصولُ
وأنت من أهلِ بيتِ سوءٍ ... قصتُهم قصةٌ تطولُ
وجوههم للوري عظاتٌ ... لكن أقفاءهم طبولُ
مستفعلن فاعلن فعولُ ... مستفعلن فاعلن فعولُ
بيتٌ كمعناك ليس فيه ... معنى سوى أنه فضولُ
وعلي نحو ما كان يلتقط العيوب الجسدية كان يلتقط العيوب الصوتية والمعنوية، يقول في مغنٍّ قبيح الصوت:
وتحسب العين فكيه إذا اختلفا ... عند التنغُّم فكَّي بغلِ طحَّانِ
ويقول في بخيل يسمى عيسى:
١ الأخادع: جمع أخدع، وهو عرق في العنق، ويقصد صفحة العنق، القذال: القفا.