أوتاد الخيمة، أرأيت كيف يمكن استغلال العناصر البدوية القديمة في الرمز والتعبير عن الأفكار الحديثة؟ لقد كان أبو تمام زعيم المجددين في عصره، ولكن لم يكن يعتمد في تجديده على رفض العناصر القديمة؛ بل كان يستعين بها في فنه، كما كان يستعين بكل ما يمكن من العناصر الحديثة، فلسفة وغير فلسفة.
والحق أن قصيدة عمورية ترينا كيف تطورت قصيدة المديح في العصر العباسي، فقد أخذت تستوعب عناصر الثقافات المختلفة من عربية وإسلامية وفارسية ويونانية وتحولها إلى زخرف عقلي جديد، وسيطر عليها التعبير بهذا اللون الفلسفي من نوافر الأضداد، وهي مع ذلك ما تزال تغمر أبياتها بالزخرف الحسي الذي تركه مسلم؛ فإذا هي تزهى بثروة زخرفية رائعة؛ ففي كل جانب منها لون أو زخرف، فيه جمال وفيه فن، وفيه فلسفة وثقافة على ضروب وصور مختلفة.