المكتفي ويتولّى المقتدر سنة ٢٩٥ للهجرة وتصبح أمه بمن حولها من النساء والخصيان هي التي تدير دفّة الحكم ترنو عينه إلى الخلافة، ويدبر مؤامرة مع بعض الرؤساء والكتاب في ربيع الأول سنة ٢٩٦، فيخلع المقتدر ويتولى باسم المرتضي؛ غير أن ذلك لم يدم له سوى يوم وليلة، إذ تغلب على حزبه أصحاب المقتدر وأعادوه إلى كرسي الخلافة، واختفى ابن المعتز عند ابن الجصَّاص، غير أن أنصار المقتدر عرفوا مخبأه، فأخذوه وقتلوه في أول ربيع الثاني.
وإذا أخذنا نبحث في شعره وجدناه يدور حول ما كان ينعم به من رَافِهِ العيش، وعني خاصة بالغزل والخمريات ومجالس الشراب، ولم ينس خصوم أسرته من العلويين، فوجَّه إليهم تهديدات شديدة اللهجة، لكن ذلك يأتي عارضًا في شعره، ومثله مثل المزدوجة التاريخية. وله منظومة في ذم الصبوح، وهي أقرب إلى الهزل منها إلى الجد. وبونٌ بعيد بين نسيج الصياغة عنده وعند أبي تمام، وإن كان يطالعنا أحيانًا بشعر جزل رصين، ولكنا نحكم بالكثرة من عمله، وقد دافع عنه أبو الفرج الأصبهاني فقال:
"وشعره وإن كان فيه رقة الملوكية وغزل الظرفاء وهلهلة المحدثين فإن فيه أشياء كثيرة تجري في أسلوب المجيدين ولا تقصُر عن مدى السابقين، وأشياء ظريفة من أشعار الملوك في جنس ما هم بسبيله، ليس عليه أن يتشبَّه فيها بفحول الجاهلية؛ فليس يمكن واصفًا لصبوح في مجلس شكل ظريف بين ندامى وقيان، وعلى ميادين من النَّور والبنفسج والنرجس ومنضود من أمثال ذلك، وفاخر الفرش ومختار الآلات ورقة الخدم أن يعدل بذلك عما يشبهه من الكلام السَّبْط السهل الرقيق الذي يفهمه كل من حضر إلى جَعْد الكلام ووحشيه وإلى وصف البيد والمهامه والظبي والظليم والناقة والجمل والديار والقفار والمنازل الخالية المهجورة، ولا إذا عدل عن ذلك، وأحسن قيل له مسيء ولا أن يغمط حقُّه كله إذا أحسن الكثير وتوسَّط في البعض وقصَّر في اليسير، وينسب إلى التقصير في الجميع، لنشر المقابح وطيِّ المحاسن؛ فلو شاء أن يفعل هذا كل