في فخره على شاكلة قطعته المشهورة:
سواي يخاف الدهر أو يرهب الرَّدى ... وغيري يهوى أن يعيش مخلَّدا
ولكنني لا أرهبُ الدَّهر إن سطا ... ولا أحذرُ الموتَ الزؤامَ إذا عدا
ولو مد نحوي حادثُ الدَّهرِ كفَّه ... لحدَّثت نفسي أن أمدَّ له يدا
وكان يميل إلى السهولة في شعره مع تحليته بألوان التصنيع، ولم يغب عنه مذهب التصنع؛ إذ كان يتصنع على طريقة معاصريه للمصطلحات العلمية كقوله:
وجدتك بحرًا طبَّق الأرض مدُّه ... فلم تبقَ عندي رخصةٌ للتيمُّمِ
وقوله هاجيًا:
ما فوه ميمٌ ولكنه ... علامةُ الجزمِ في الميمِ
ونراه يكثر من اقتباس الآيات القرآنية على شاكلة قوله:
فقال لقد"آنست نارًا" بخدِّه ... فقلت: وإني ما "وجدت بها هدى"
يشير بذلك إلى قصة موسى حين قال لأهله: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً} ولا نبالغ إذا قلنا إن موشحاته أروع من أشعاره؛ فقد كان يوفر لها النغم الحلو الرشيق كقوله:
البدرُ يحكيك ... لولا تَثَنِّيك
بالضمِّ أجْنيكَ ... للصدرِ أدْنيك
ونحس مزاجه المصري وخفة روحه في كثير من الموشحات كقوله يمدح القاضي الفاضل:
لما جلسْ. وقد رأسْ ... فكم غرسْ. من الدول
وكم رتق. مما انفتق. وما لُحق ... لما خلق. وهاب. بلا حساب
وهو لا يبارى في موشحاته وما يجمع لها من هذه الألفاظ العذبة ذات الجرس والرنين البديع الذي يمتع النفس والشعور.