ويقول أيضًا:
وإن قلتم أهوى الرباب وزينبا ... صدقتم سلوا عني الرباب وزينبا
ولكن فتىً قد نال فضلَ بلاغةٍ ... تلعَّب فيها بالكلامِ تلعُّبا
وإذن فهو متصنع في غزله كبقية الشعراء، وإن لم ينهج منهجهم في التصعيب؛ إذ كان يميل إلى الأساليب السهلة الرقيقة، ومع ذلك فنحن نجده يوشِّي شعره بضروب البديع من جناس وطباق وتورية، واستمع إلى هذه القطعة المشهورة:
غيري على السُّلوانِ قادرْ ... وسواي في العشاقِ غادرْ
لي في الغرام سريرةٌ ... والله أعلمُ بالسرائرْ
حلو الحديثِ وإنها ... لحلاوةٌ شقَّت مرائرْ
أشكو وأشكر فعله ... فاعجب لشاكٍ منه شاكرْ
يا ليلُ ما لك آخرٌ ... يرجى ولا للشوقِ آخرْ
يا ليلُ طلْ، يا شوقُ دُمْ ... إني على الحالينِ صابرْ
لي فيك أجرُ مجاهدٍ ... إن صح أن الليلَ كافرْ
طرفي وطرفُ النجمِ فيـ ... ك كلاهما ساهٍ وساهرْ
فإنك تراها ملئت بالجناس، كما تراها وشيت بالتورية في طائر وكافر من الكفر بمعنى الستر. وكما كان يستخدم هذه الألوان كذلك كان يستخدم اصطلاحات العلوم كقوله:
وهوىً حفظتُ حديثه وكتمتُه ... فوجدتُ دمعي قد رواه مُسلسلا
وقوله:
يُروى حديث الجود عنه مُسندًا ... فعلام ترويه السحائبُ مرسلا
كما كان يكثر من التضمين في شعره، كقوله:
وقفت على ما جاءني من كتابكم ... "وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه"
فقد استعار الشطر الثاني من المتنبي وكثيرًا ما كان يستعير منه، وكما كان يتصنع للتضمين كان يتصنع للاكتفاء في مثل قوله: