للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتواتر والآحاد، ونبين ما يفيداه:

أولًا: السنة المتواترة أو الحديث المتواتر:

التواتر في اللغة: هو التتابع، يقال: تواترت الخيل: إذا جاءت يتبع بعضها بعضًا: ومنه "جاءوا تترى" أي متتابعين، وترًا بعد وتر، والوتر الفرد١.

أما تعريفه في الاصطلاح، فقد عرف تعريفات متعددة نختار منها ما قاله البزدوي: "هو الذي اتصل بك من رسول الله لا اتصالًا بلا شبهة حتى صار كالمعاين المسموع منه، وذلك بأن يرويه قوم لا يحصى عددهم، ولا يتوهم تواطؤهم على الكذب لكثرتهم وعدالتهم وتباين أماكنهم، ويدوم هذا الحد فيكون آخره وأوسطه كطرفيه، وذلك مثل نقل القرآن الكريم والصلوات الخمس، وأعداد الركعات ومقادير الزكاة، وما أشبه ذلك٢.

ونأخذ من هذا التعريف شروط المتواتر وهي:

١- تعدد النقلة بحيث يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب لاختلاف مشاربهم وبلدانهم.

٢- صلة الإسناد.

٣- أن يستوي في ذلك الطرفان والوسط، بأن يحدث المشاهدون أنهم شاهدوا، وهم جمع يؤمن تواطؤهم عن الكذب، وينقل عنهم أنهم شاهدوا مثلهم حتى يصل إلينا٣.

وهذا القسم يوجب علم اليقين بمنزلة العيان علمًا ضروريًّا.

ثانيًا: السنة المشهورة أو الحديث المشهور: وهو ما كان أحادي الأصل ثم انتشر واشتهر في القرن الثاني والثالث ونقله قوم لا يتوهم تواطؤهم على الكذب, وأولئك قوم ثقات أئمة لا يتهمون، فصار بشهادتهم وتصديقهم قريبًا من


١ المصباح المنير: ٢/ ٣٢١.
٢ أصول البزدوي: ٢/ ٦٨٠-٦٨١.
٣ الأحكام للآمدي: ٢/ ٢٥.

<<  <   >  >>