للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العلمانية]

[مدخل]

...

أولًا: العلمانية:

تنسب "العلمانية" على غير قياس إلى العالم أو العالمية "Secularism" وهي نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض كل صورة من صور الإيمان الديني والعبادة الدينية، وقيام الدولة على دعائم الدين، كما يرفض كل نظام أو قيمة تنسب إلى الدين من قريب أو من بعيد.. وهي دعوة صارخة لفصل الدين عن الدولة "وأن يكون ما لله لله، وما لقيصر لقيصر" هذه صيحتها التي قصدت من ورائها عزل الدين عن مناهج الحياة وعن السياسة والحكم والقضاء١.

والعلماني "Secular" هو كل ما يتعلق بشئون الدنيا وأنظمتها بعيدًا كل البعد عن التعاليم الدينية٢.

والعلمانية بهذه الدعوة قد أوجدت حكمًا ثنائيًّا، وحركة ثنائية، وتعليمًا ثنائيًّا وإعلامًا ثنائيًّا، ومنهاجًا ثنائيًّا.. فهناك سلطة الدولة التي تعمل باستقلال وانعزال كاملين عن الدين، وهناك رجال الدين الذين يحكمون في المعبد ويديرون شئونه دون أن تكون لهم كلمة في شئون الحكم والسياسة في الاقتصاد أو في إدارة الدولة، وهناك مدارس مدنية، ومدارس دينية، وهناك تعليم لا ديني وتعليم ديني وكلاهما منفصل ومستقل عن الآخر وهناك حياة دنيوية متغيرة ومتطورة وهناك حياة دينية في منأى عن التغير والتطور.

هذه الثنائية تبرز بصورة مريعة حينما يقع الطرفان بصورة نزاع، كل منهما يحاول أن يخضع الآخر، وكل منهما يريد أن يتحكم في الآخر. هذه الثنائية ظهرت بصورة شديدة وعنيفة في أوروبا، إذ كانت الكنيسة هي المسيطرة على الحياة في مختلف مجالاتها طوال القرون الوسطى، وكانت تحد كثيرًا من نشاط


١، ٢ الإسلام في حل مشاكل المجتمعات الإسلامية المعاصرة: ص١٢.

<<  <   >  >>