للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلماء، بل كانت تعطي لنفسها الحق في بيع سكوك الغفران وبيع مساكن في الجنة، قصور وفيلات وشقق كبيرة أو صغيرة مفروشة، تبيعها بالنقد والتقسيط.

وكانت الكنيسة والباباوية تقف موقفًا عدائيًّا من العلم والعلماء.. فقد أمرت بحرق العالم "برونو" الذي قال بوجود عوالم أخرى غير الأرض، وأخمدت أنفاس "كوبرنيكوس" لأنه قال: "إن الأرض ما هي إلا كوكب مثل غيرها من الكواكب السيارة" وأجبرت العالم "جاليلو" على أن يكذب ما سبق أن صرح به من أن الأرض تدور حول الشمس وهو راكع على ركبتيه ذليلًا خوفًا من المحاكمة.

وحينما ابتدأ الإنسان الأوروبي يكشف مجالًا آخر يرى فيه استقلاله عن الكنيسة، وهو مجال البحث الطبيعي، شعر بوجود ذاته المستقلة عن الكنيسة، فافتخر باستخدام البخار في الصناعة واعتز بقانون الجاذبية، وكلما اكتشف طاقة جديدة ابتعد عن الكنيسة شيئًا فشيئًا، حتى إذا ما أحس بالاستقلال الكامل عن سيطرتها أخذ يتهمها بالجمود وغير ذلك من الاتهامات وينال منها ومن قداستها.. وبخاصة بعدما عرف الكهرباء وفجر الذرة.

وحينذاك تصور بعض المفكرين الأوروبيين أنه يمكن القضاء على هذا النزاع بتوزيع السلطات وتقسيمها إلى طرفين: طرف يكون للدولة فيه مجال كشئون إدارة الدولة والاقتصاد والتعليم وسن القوانين ووضع الدستور.. وغير ذلك من الأمور العامة.

وطرف يكون للكنيسة فيه مجال كمراسيم الزواج وطقوس الوفاة ونظام الرهينة..

هذا الفصل أخذ اسم العلمانية. وقد مرت هذه "العلمانية" بمرحلتين:

الأولى: مرحلة العلمانية المعتدلة، اعتبر فيها الدين أمرًا شخصيًّا لا شأن للدولة فيه.

والثانية: مرحلة العلمانية المتطرفة التي طالبت بإخضاع تعاليم المسيحية إلى العقل وإلى مبادئ التجارب الطبيعية أو المخبرية.

<<  <   >  >>