لقد كان أو مجتمع يرتفع بنيانه على أسس متينة من التضامن الإسلامي مجتمع المدينة المنورة، حينما هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم- مع الفئة المؤمنة التي تركت دياراها وأموالها إرضاء لله ولرسوله، وفي المدينة آنذاك ثلاث طوائف لا تعرف الوئام ولا الانسجام، وهي الأوس والخزرج واليهود. وكان أول ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بذر بذور الحب في قلوب الجماعة المؤمنة نحو الله تعالى، ونحو المؤمنين بعضهم بعضا، وإذا ما خالط الحب شغاف القلوب فإنه يطبعها على الرقة والليونة والإخلاص لله تبارك وتعالى، وعند ذلك يتنازل المؤمن عن كيثر من مصالحه الشخصية وأغراضه القريبة في سبيل الغاية المثلى والدعوة العظيمة، وعندها تتحول الأثرة والأنانية وحب الذات إلى الإيثار والبذل والتضحية من أجل الآخرين، ويمحي الحقد والحسد والضغينة، وينمو التسامح والتواد والتراحم والتعاطف.
وعلى هذا الحب أقام صلى الله عليه وسلم دعائم الأخوة الإسلامية، فآخى بين الأوس