اتخذت القومية في القرن التاسع عشر مفهومًا خاصًّا يدل على تفضيل آصرة القوم على غيرها من الأواصر، ولكن جوهر هذا المعنى كان معروفًا منذ العصور القديمة، فقد عرف اليونان والرومان والهنود "القومية" وكانت تعني عندهم انتساب الفرد إلى قوم أو جنس معين.
وللقومية أركان خمسة عليها يرتفع بنيان هذا المفهوم، وهذه الأركان هي:
١- وحدة الجنس بمعنى الانتساب إلى أصل واحد.
٢- وحدة الوطن.
٣- وحدة اللغة.
٤- وحدة التاريخ.
٥- العوامل الاقتصادية.
يقول الأستاذ سيد قطب في كتابه "هذا الدين": "وجاء الإسلام فوجد الناس يتجمعون على آصرة النسب، أو يتجمعون على آصرة الجنس، أو يتجمعون على آصرة الأرض، أو يتجمعون على آصرة المصالح والمنافع القريبة، وكلها عصبيات لا علاقة لها بجوهر الإنسان، إنما هي أعراض طارئة على جوهر الإنسان الكريم، وقال الإسلام كلمته الحاسمة في هذا الأمر الخطير الذي يحدد علاقات الناس بعضهم ببعض تحديدًا أخيرًا.
قال: إنه لا لون ولا جنس ولا نسب ولا أرض ولا مصالح ولا منافع هي التي تجمع بين الناس أو تفرق، إنما هي العقيدة.. إن آصرة المجتمع هي العقيدة، لأن العقيدة هي أكرم خصائص الروح الإنساني، فأما إذا نبتت هذه الوشيجة فلا آصرة ولا تجمع ولا كيان. إن الإنسانية يجب أن تتجمع على أكرم خصائصها لا على مثل ما تتجمع عليه البهائم من الكلأ والمرعى أو من الحد والسياج.
والأمة هي المجموعة من الناس تربط بينها آصرة العقيدة وهي جنسيتها وإلا فلا أمة لأنه ليست هناك آصرة تجمعها، والأرض والجنس واللغة والنسب والمصالح المادية قريبة. لا تكفي واحدة منها ولا تكفي كلها لتكوين أمة إلا أن تربط بينها رابطة العقيدة"١.