هل للأخلاق الفاضلة موضع في تيار الماركسية الملحدة التي حطمت كل اعتبار للدين، وأهانت الإنسان، وأهدرت كرامته، ونادت بشيوعية الأسرة، وفوضوية النسل ... ؟ مما لا شك فيه أنه ليس للأخلاق وزن بمقياس الماركسية الضالة، ولا عجب فإن العقيدة والدين لا اعتبار لهما لديهم.. وإذا لم يكن للمرء دين، ولم يخش من رقابة الله، فما خلقه وما فضيلته؟
وعلى هذا فالماركسية تنكر جميع التعاليم الخلقية التي دعت إليها الأديان السماوية، وتقضي على كل التراث الخلقي الذي توارثته الإنسانية بتأثير الأديان.
يقول انجلز، وهو المؤسس الثاني للمذهب الشيوعي:
"نحن نرفض أن نذعن لأية عقيدة خلقية باعتبارها قانونًا خلقيًّا خالدًا وغير قابل للتبديل والتغيير، ونرفض أن نعتبر أن هناك مبادئ خلقية أبدية تتجاوز عصور التاريخ وتتجاوز كل اختلاف بين الشعوب وعلى العكس من ذلك نقرر أن جميع التعاليم الخلقية القديمة إنما هي عند تحليلها ليست إلا ناتجًا اصطنعه المستوى الاقتصادي الذي بلغه المجتمع في عصر معين ولما كان المجتمع الإنساني إلى اليوم لا يزال يخوض غمار حرب الطبقات فالأخلاق التي يعترف بها المجتمع ليست إلا النظام الخلقي الذي تعتز به طبقة معينة نظامًا كان أو طورًا يبرر طغيان الطبقة الحاكمة ويذود عن مصالحها أو يبرر طغيان الطبقة التي كانت مغلوبة على أمرها حتى وصلت إلى الحكم ولا يمكن وجود نظام أخلاقي وإنساني شامل إلا بعد أن تنتهي حرب الطبقات"١.
وهكذا يظهر بوضوح تعبير مؤسسي الماركسية موقفهم الجلي من الأخلاق، وأنهم يريدون أن يطعنوا في القيم الإنسانية، ويضربوها الضربة القاضية القاصمة، ويحولوا الحياة بأسرها إلى حلبة صراع عنيف وقتال دموي مريع.
وهم إذ يهدمون الأخلاق الدينية والقيم الثابتة والمبادئ النبيلة يضعون