للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنه العمى القلبي الذي يحجب الحقيقة عن النفس ويخدر العقل فيجعله عاطلًا عن التفكير السليم السديد.. وماركس كان يعمل ليهوديته ليس غير، كان يدور في إطار التلمود يلتمس الأعذار المبيحة ليمحوا الأديان، ويبقي اليهودية عقيدة وديانة كي يضمن لهم السيطرة على العالم والتمكين في فلسطين.. وهو بهذا العمل ينفذ بروتوكولات صهيون، ويهاجم العقيدة والنظام الاجتماعي معًا، ويقدم مفهومًا ماديًّا خالصًا للكون والحياة والمجتمع والتاريخ والحضارة. يستمد مفاهيمه من ركام الوثنيات البدائية التي انقرضت أو كادت تنقرض أمام جلاء الحقيقة الواحدة عن طريق الأديان السماوية التي وهبها الله للإنسان، ولكن ماركس لم يرد هذا التقدم الذي أحرزته البشرية بفضل الأديان السماوية بعامة والإسلام الخالد بخاصة، وإنما أراد أن ترتكس البشرية وتعود أدراجها من حيث أتت وحين نفضت عنها غبار التأخر ومزقت ظلام الجهل وركام الوثنيات المفزعة ... أراد ماركس أن ترجع البشرية كلها القهقرى وأن تثبت اليهودية وحدها، وأن تبني حضارتها وحدها تحت شعار "شعب الله المختار" إنها غباء الانعزالية، وضلال الانفرادية، وعمى العنصرية.

وليست الماركسية هي أول نكسة للبشرية وأول نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يتحدى العقيدة الدينية ويتهمها أنها عائق في وجه الإصلاح، فقد ظهرت نظم كثيرة تطورت إلى نظم أخرى ثم اندثرت، وداستها أقدام الأصالة والفطرة وبقيت العقيدة كامنة في قرارة السلوك الإنساني تحفظ الحياة وقيمها الرفيعة في خضم القلق والثورات وتمد الناس بأسباب الأمن والطمأنينة والثقة بالعدالة الإلهية والاستقرار النفسي والاجتماعي١.

والإسلام الذي واجه فلسفات كثيرة وعقائد مختلفة خلال أربعة عشر قرنًا، وثبت في وجه تياراتها وأمام تحدياتها، وأثبت عجزها وجمودها وضلالها، قادر -بإذن الله تعالى- أن ينتصر أمام تحديات الماركسية والشيوعية والماسونية ... وغيرها وغيرها..

{وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} ٢


١ هزيمة الشيوعية في عالم الإسلام: ص٨١.
٢ سورة يوسف: ٢١.

<<  <   >  >>