للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تنزلت على المسيح عليه السلام، وإنما هي نصرانية جديدة اتفق عليها بضغط من الملك قسطنطين سنة ٣٢٥م أي بعد ثلاثة قرون من رفع المسيح إلى السماء.

ولكن ما السبب الذي دعا الملك قسطنطين لأن يضع نصرانية جديدة؟ الحقائق التاريخية تثبت أن إنجيل المسيح نفسه أي كلامه لفظًا ومعنى لم يصل إلى الناس، وإنما الذي وصل إليهم مجموعة من المذكرات الشخصية لبعض تلاميذه الذين لا يرتفع بعضهم عن الشبهات. وكان لليهود أثر في تغيير معالم النصرانية الصحيحة بما أثاروا من أباطيل حول السيدة مريم العذراء، ولذا فقد اختلفت التصورات لديهم حول ذات الله تبارك وتعالى، وحول المسيح عليه السلام، ولا ننسى أبدًا أثر الوثنية اليونانية، والرومانية القديمة في إدخال تحريفات على العقيدة الصحيحة, وكان من نتائج اختلاف التصورات المسيحية، أن تقاتل الناس بعد أن افترقوا إلى شيع وأحزاب، فأراد قسطنطين أن يقضي على الفتن فعقد مجمعًا سمي "مجمع نيقية" وأرغم القسيسين على الوقوف عند تصور يرضي الجميع كحل وسط، فكان هذا الحل هو تقسيم المسيح عليه السلام بين الألوهية والبشرية، فهو بشر إله.. نستغفر الله من هذا المعتقد الباطل.

قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} ١.

وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٢, {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ٣.

وقد تعرض علماء المسلمين لنقد المعتقد النصراني السائد، فقد كتب ابن


١ المائدة: ٧٢.
٢ المائدة: ٧٣.
٣ المائدة: ٧٥.

<<  <   >  >>