للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول "رينيه بوتيه" في كتاب "الكاردينال لافيجيري":

"إن العمل الوطني الذي قام به لافيجيري بدأ مع عمله التبشيري عندما بدأ بنشره على السوريين، تلك العطايا التي تمنحها الكنيسة الكاثوليكية أنه جعل فرنسا محبوبة لدى السوريين باسم المسيح"١.

ومن الوضوح بمكان تآزر التبشير مع الهيئات السياسية للوصول إلى أغراضه اللئيمة ونواياه الاستعمارية، وقد اقترح أحد المبشرين أن تتعاون بريطانيا مع فرنسا على سياسة السيطرة على الشواطئ، حيث يمكن وصول آلات القتال الحديثة بسهولة، ذلك لأنه رأى أن الإسلام يتزايد عدديًّا، ولم يتفق قط أن شعبًا دخل في الإسلام ثم عاد نصرانيًّا٢.

وقد اعتمد المبشرون على إثارة النزعات الطائفية والقومية في صفوف المسلمين وعملوا على إحياء الحركات الشعوبية المعادية للمبدأ الإسلامي، فروجوا للقومية العربية التي تنتمي إلى فترات تاريخية مندثرة، وإلى الفرعونية التي تنتمي إلى حجارة الأهرام في مصر، وإلى الفينيقية في الساحل السوري، وإلى الآشورية في العراق.

وقد امتصت هذه الاختلافات القومية والطائفية قواهم الذاتية، إذ وجدت من يهتف بها ويغني لها، وما زال التبشير يبحث عن معول آخر يهدم به التضامن الإسلامي، وعن نزعات سياسية أخرى تفتت رابطة العالم الإسلامي وتبعثر قواه وكأن اللورد "جلاد ستون" حينما صرخ بمجلس العموم البريطاني وقد أمسك بنسخة من القرآن الكريم قائلًا "ما دام هذا القرآن موجودًا فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان" يتمثل للمبشرين دائمًا، يدعوهم لأن يحكموا خططهم ويحزموا أمرهم٣.

وإن أمتنا اليوم تبحث عن حل لتتجنب مكائد التبشير وخططه، وستصل إلى حل يجعلها في أمان من يد التبشير والاستعمار بإذن الله ولو كره المشركون.


١ التبشير والاستعمار: ٣/ ٣٩.
٢ التبشير والاستعمار: ص١٣٥.
٣ انظر كتاب ثقافة المسلم في وجه التيارات المعاصرة: ص٩٩.

<<  <   >  >>