للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا استطاع الاستعمار بهذا الأسلوب أن يسلب المسلم شخصيته المستقلة، فإذا فكر في مسألة ما فإنما يفكر بعقل أساتذته أصحاب الفضل عليه، وإن رسم هدفًا في حياته فتبعًا لأهدافهم وتحقيقًا لأغراضهم..

وكثيرًا ما أثرت المدارس التبشيرية في نفوس الطفولة البريئة، فإذا بالطفل المسلم يردد صلواتهم ويترنم بشركهم من حيث لا يدري ولا يشعر، كما أثرت في الشبيبة اليافعة من أبناء المسلمين، وأورثت في نفوسهم حب مخالطتهم والاقتباس من عاداتهم وتقاليدهم التي تمثل شخصيتهم، فتذبل الشخصية الإسلامية، وأول بوادر هذا الذبول التهاون في أداء العبادات وفي إظهار الشعائر الإسلامية الأساسية.

٢- ومن أساليب التبشير نشر العلمانية، والدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، ورد النتائج والأسباب للطبيعة أو إلى المصادفة، وههنا يكمن الخطر الشديد، الذي يبذر بذور التشكيك في نفوس المسلمين، ويؤدي إلى اضطراب في العقيدة، واضطراب في القيم والمفاهيم لدى الإنسان المسلم فتتنازعه التيارات المتعاكسة المتضادة من مد وجذب، فتضيع ملامح شخصيته وتنهار قواه الذاتية، أو ينحرف في سلوكه الخلقي، ويخلع عنه الرداء الإسلامي.. وبهذا يتحقق للتبشير الدنيء غرضه الخطير.

٣- فتح المستشفيات وبعث الإرساليات الطبية إلى الشرق الإسلامي، وهذا أسلوب خطير أيضًا لأنه يدس السم في الدسم، فالغاية شريفة ظاهرًا وقالبًا ولكنها خبيثة مضمونًا وحقيقة. ذلك لأن المرض حالة بليغة من حالات الضعف البشري، ويتبع هذا الضعف قصور في الإدراك الفكري، فيصل الطبيب أو الممرض إلى غرضه من غير أدنى جهد ...

٤- المؤتمرات التبشيرية: ١

أذكر على سبيل المثال المؤتمرات التالية:

أ- مؤتمر القاهرة سنة ١٣٢٤هـ "١٩٠٦م" المنعقد في منزل زعيم الثورة العرابية المسلم.


١ انظر كتاب الغارة على العالم الإسلامي، وأساليب الغزو الفكري: ص٣٢.

<<  <   >  >>