للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسمع بعضهم لسان بعض فبددهم الرب من هناك على وجه الأرض، فكفوا عن بنيان المدينة لذلك دعي اسمها بابل، لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض، ومن هنا بددهم الرب على وجه الأرض"١.

فهذا التفسير لنشأة اللغات لا يتفق مع الحقائق العلمية لتطور اللغات وأخذها وضعها الثابت لها.

ومن هنا يتضح وضوحًا كاملًا لكل ذي بصيرة ونظر التحريف الشديد الذي عبث في التوراة فطمس معالم التوحيد فيها، وأطفأ نور الهداية منها وأخرج للناس كتابًا يثير الضحك والسخرية، والاشمئزاز والكراهية من أولئك الذين سولت لهم أنفسهم أن يشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا، وأن يقولوا زورًا وبهتانًا: "هذا من عند الله وما هو من عند الله". قال الله تبارك وتعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} ٢.

وقال جل من قائل: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} ٣.

كيف تم التحريف:

إننا نؤمن أن الله تبارك وتعالى قد خاطب موسى عليه السلام وأنزل عليه التوراة فيها هدى ونور ليحكم أصحابها بما ورد فيها من شريعة، ولكننا ننكر أن تكون التوراة التي في أيدي اليهود اليوم هي التوراة الموحى بها من عند الله تعالى وذلك لأسباب جوهرية أصلية، منها ما رأينا من مقالات يتندى من تدانيها حبين الإنسانية خجلًا وحياء، هذا من جهة الموضوع. أما من جهة الأسلوب والصياغة، فإن كل من يطلع على التوراة ويقرأ ما فيها يدرك تمامًا اختلافات شديدة في الأسلوب والتعابير فضلًا عن تناقض الأفكار وتضارب نصوصها بعضها بعضًا.. وأن هذا الاختلاف والتناقض ما كان ينبغي أن يصدر عن إنسان حصيف


١ أضواء على الصهيونية: ص٥٢.
٢ سورة البقرة: ٧٩.
٣ سورة البقرة: ٥٩.

<<  <   >  >>