للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصلًا إلى أسرة، والأسرة توفر الحياة الكريمة التي تتناسب مع كرامته ومكانته في الكون.. فهو لم يخلق ليكون حيوانًا يعيش حياة جنسية فوضوية.. بل هو أكرم مخلوقات الله خلق لتحقيق العبودية لله تعالى وليكون خليفة لله في أرضه، ومن كان هذا شأنه حريًّا أن يكون في مقدمة المخلوقات كرامة وعفة وشرفًا واعتزازًا بإنسانيته وبانتمائه إلى أسرة تنظم حياته وتضع الخطوط العريضة الواضحة لتميز بين الحلال والحرام والأقارب والأباعد والأنساب والأرحام والزوجات والأخوات والأبناء والآباء.

ولا يوجد فيما نعلم - مجتمع يأخذ بنظام الشيوعية المشاعة المطلقة في علاقات الرجال بالنساء.. وأن هذه المحاولة من الماركسية قد باءت بالفشل الذريع فلم تستطع أن تعيش حتى في نفس الموطن الذي انبثقت منه هذه الفكرة.

وأهانت الشيوعية "المرأة" أيما إهانة، فجعلتها عاملًا في المزرع والمصنع، ومنظفًا للطرقات ومزيلًا للركام الثلجي في سيبريا، وحملتها فوق طاقتها من الأعباء والتكاليف.. فهل بعد هذه الإهانة من إهانة؟ وهل هنالك أدنى درجة لتحقير الإنسان من هذا التحقير؟ وهل يرضى الرجل وهو ابن أو أب أو زوج أو أخ أن يرى أمه أو ابنته أو زوجته أو أخته في هذه الحالة المهينة؟

هذه هي الشيوعية الذئب المفترس في صورة الحمل الوديع، هذه هي الشيوعية وقد كشرت عن أنيابها فنفثت أحقادها وضغائنها على البشرية.. إنها وصمة عار في جبين الإنسانية. ودمعة سوداء في سجل تاريخ الإنسانية، إنسان القرن العشرين.

وأين هذه النكسة الماركسية من إعزاز الإسلام للبشرية قاطبة ومنحه الإنسان الحرية الكاملة والمكانة الرفيعة، والإرادة المستقلة والحقوق الحصينة.

وعلى هذا فالإنسان مهما بلغ من مرتبته في سلم التقدم الفكري والنهضة العلمية -بعيدًا عن الغرضية والأهواء الشخصية- لا يستطيع أن يضع نظامًا واحدًا من الأنظمة التي وضعها الإسلام، فما عليه إلا أن يقر بهذه الحقيقة الكبرى ويخضع للإسلام خضوعًا كاملًا فيتخذه عقيدة ومنهج حياة..

<<  <   >  >>