للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختلاط في الجامعة عن مآس لا يستطيع تجاهلها إلا مكابر أو مدلس.. وأصبح هذا النظام ضربًا من ضروب الإلزام لا يستطيع والد أن يفر منه أو يتفاداه لأن عليه أن يختار بين أن يبعث بابنه وبابنته إلى هذا الوسط وبين أن يحرمهم من التعليم ويحجبهم في ظلمات الجهل. بل إنه لا يستطيع اختيار الطريق الثاني -على ظلمه وظلامه- لأن قوانين الدولة تجبره على أن يعلم أولاده حتى نهاية المرحلة الأولى على الأقل"١.

وقد كان لوجود المدارس التبشيرية في قلب البلاد الإسلامية، ولمحاولة تغريب الفكر الإسلامي أثره الخطير في إضعاف كيان المجتمع الإسلامي، وفي تشويه كثير من الحقائق الإسلامية في عقول الجيل الذي ربي في مدارس التغريب أو نهل من الجامعات الأوربية. ويمكن أن أحصر هذه الخطورة في النقاط التالية:

١- ظهور اتجاهين فكريين مختلفين، بل قل متضادين وهذا ما يهدف إليه التغريب، لأن التمزق الفكري سيتبعه تمزق في الوجود الكياني للمجتمع الإسلامي، ومن ثم يسهل ذوبان معالم الثقافة الإسلامية وتمييع الشخصية الإسلامية.

وتبعًا للانقسام الفكري، انقسم المجتمع الإسلامي إلى قسمين: الأول ويمثله القادمون من البعثات الأوربية والمتعلمون في مدارس التغريب، وهؤلاء يدعون إلى الانفتاح الكامل على المجتمع الغربي الأوربي، كما ينادون بضرورة الاقتباس من عاداتهم وتقاليدهم وآرائهم، وإن كانت مخالفة لحقيقة الإسلام وجوهره.. ويذكر الدكتور محمد محمد حسين نموذجين لهذا الاتجاه أولهما: "سلامة موسى، في كتابه اليوم والغد" "الذي احتوى على مقالات نشرت في خلال سنتي ١٩٢٥-١٩٢٦م وأضيف إليها مقالات عند نشر الكتاب سنة ١٩٢٧م"٢.


١ ص: ٢٣٨.
٢ الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر: ٢/ ٢٢١ وما بعدها الطبعة الثالثة.

<<  <   >  >>