"ولقد تأيد أيضا بما وقع في أثناء التطور الإنساني من قصور وأخطاء وعثرات، لأنه كان قد رفع الصوت عاليا واضحا بالتحذير منها، من قبل أن تحقق البشرية أن هذه أخطاء.. وإذا صرفنا النظر عن الاعتقاد الديني نجد -من وجهة نظر عقلية محضة- كل تشويق إلى أن نتبع الهدي الإسلامي بصورة عملية وبثقة تامة".
نحن لا نحتاج إلى فرض إصلاح على الإسلام -كما يظن بعض المسلمين- لأن الإسلام كامل بنفسه من قبل. أما الذي نحتاج إليه فعلا، فهو إصلاح موقفنا من الدين بمعالجة كسلنا، وغرورنا، قصر نظرنا، وبكلمة واحدة: معالجة مساوئنا.
"إن الإسلام غني عن كل تحسين، وإن كل تغيير في مثل هذه الحال يطرأ على مدركاته وعلى تنظيمه الاجتماعي بافتئات من ثقافة أجنبية -ولو بإشراق ضئيل- سيكون مدعاة إلى الأسف الشديد وسترجع الخسارة حتما علينا نحن"١.
وعلى هذا فكل دعوى لتغيير القيم الثابتة، أو الأسس الإسلامية الثابتة، باسم التجديد أو الإصلاح أو التطور.. دعوى معادية للجنس الإنساني تقف حائلا دون الازدهار الحضاري، والوعي الديني، والتقدم الراقي في أسلوب الحياة والمعاش.. ذلك لأن الثقافة الإسلامية تدعو إلى الحركة وإلى البناء وتنهى عن الجمود وعن الكسل والتواكل والتخلف والتقصير، ولو نظرنا إلى الكون لوجدناه في حركة دائمة وفي تغير دائم. ولكنه يتحرك مع المحافظة على حقيقته الأصلية.. وعلينا نحن المسلمين أن نعمل وأن نجد وأن نجتهد وأن نرتقي في أسباب الكمال والتقدم. مع المحافظة على شخصيتنا الإسلامية وعلى أصالتنا التاريخية وعلى قيمنا النبيلة وعلى عقيدتنا الإلهية. وأية دعوة للانسلاخ عن مبادئنا دعوى هدامة عدائية.. فلنقدر مسئوليتنا تجاه أنفسنا وتجاه البشرية كلها.
١ الإسلام على مفترق الطرق ترجمة عمر فروخ ص١٠٩-١١٢، وانظر خصائص التصور الإسلامي ص ١٠٢-١٠٤.