للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ١، وبين سبحانه أن من أهم أواصر الأخوة الدعاء لهم بظهر الغيب، فقال: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا} ٢.

وقال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله" ٣.

إن آصرة هذه الأخوة تعلو كل آصرة وتفوق كل رابطة، بل إن رابطة النسب تهوي منهارة لا شأن لها ولا حول ولا قوة أمام هذه الرابطة الشامخة، قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} ٤.

ومن القواعد الفقهية المستنبطة من وحي القرآن والسنة المطهرة أن المسلم لا يرث الكافر، وأن الكافر لا يرث المسلم، ولو كان أباه أو أخاه أو ابنه، فهل بعد الأخوة الإيمانية من صلة أو قرابة؟ إن الأخوة الإيمانية رابطة قوية جديرة أن توحد بين النفوس وأن تؤلف بين القلوب، وكانت هذه الرابطة الجامع الوحيد الذي يجمع أبناء المسلمين في عهد النبوة الخالد، وكان المجتمع آنذاك يشعر بحرارة هذه الرابطة وبقوتها وأثرها على النفس الإنسانية وعلى المجتمع، فكان المجتمع كله رجاله ونساؤه وشبابه جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.


١ سورة آل عمران: ١٠٣.
٢ سورة الحشر: ١٠.
٣ رواه مسلم.
٤ سورة المجادلة: ٢٢.

<<  <   >  >>