للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ١ وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} ٢ وقال أشرف المرسلين وأكرم الخلق صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، قالوا لمن يا رسول الله، قال: "لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" ٣ وقال عليه الصلاة والسلام: "المؤمن مرآة المؤمن" ٤.

وقد كان المسلمون يتكافلون فيما بينهم، فيعلم عالمهم جاهلهم، ويرشد كبيرهم صغيرهم، ويوجه ذو الخبرة قليل الدربة والدراية، ويجل الصغير الشيخ المسن، وينصح المحكوم الحاكم والجندي القائد، والمغمور المشهور، والمرءوس الرئيس.. ويتقبلها الحاكم والقائد والرئيس بنفس طيبة راضية، لا يرى في ذلك غضاضة أو إنقاصا من قدره بل يراه نصحا وتوجيها وإعانة على إقامة العدل وإقرارا للحق..

وما زال المسلمون بهذا التكافل الذي يشعر بوحدة صفهم وجمع كلمتهم حتى دب الخلاف فيما بينهم، وتبدلت المفاهيم في أذهان كثير منهم، وأقبلوا على الدنيا ومتاعها، وشغلوا عن واجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا على مركزهم الوظيفي أو الاجتماعي. وهكذا تخلى كثير من المسلمين عن وجوب التعاون على إحقاق الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونظرت كل جماعة منهم على أنها وحدة مستقلة عن الأخرى لا ينظمهم عقد ولا يجمعهم رابطة، وهذه هي الآية الكبرى في تبعثر وحدة المسلمين وتشتيت شملهم، وتمزيق كيانهم.

والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} ٥.


١ سورة آل عمران: ١٠٤.
٢ سورة التوبة: ٧١.
٣ رواه البخاري والترمذي والنسائي والدارمي.
٤ رواه أبو داود.
٥ سورة هود: ١١٦.

<<  <   >  >>