للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خضوعه له. وكذلك لا يرفع من قيمته ومن مكانته ويجعله في مرتبة أعلى أو أقدس من الإنسان، بل هو مخلوق لله، وقد خلق ليقر بوحدانية الله، وليخلص له العبادة١.

ونلاحظ أن هذا المنهج الواقعي قادر على أن يأخذ بالإنسان إلى أرفع مستوى وأعلى قمة يمكن أن يبلغها الإنسان، إنها مرتبة العبودية لله تعالى وإنها لمرتبة طاهرة رفيعة قد أرادها الله لبني البشر. قال تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا، أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا، انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا، تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} ٢. {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا، أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} ٣.

في هذه الخصائص التي سبق عرضها ومناقشتها تظهر قيمة الثقافة الإسلامية، وتبرز مكانتها الرفيعة السامية من بين سائر الثقافات الأخرى.. تلك الثقافات التي تقلل من منزلة الفرد وتحط من قدره. ولا ترفعه إلى المرتبة اللائقة به، لأنها تعتبر الإنسان المكون من الجسم والروح غلطة منكرة.. وأن الإنسان المثالي -في نظرها الخاطئ- هو الذي تخلى عن رغباته وأهوائه.

كما تظهر جدية الثقافة الإسلامية وقوتها، وقدرتها على توجيه الإنسان والمجتمع الوجهة الخيرة الجادة الدائبة العاملة. إذ إنها تنمي الاستعدادات الفطرية والمواهب الإنسانية وتدعو إلى التعاون على التقوى، وإلى التعاون لإنتاج كل ما من شأنه أن يسعد البشرية ويخدم الإنسانية..


١ خصائص التصور الإسلامي. ص١٩٤.
٢ الفرقان: ٧-١٠.
٣ الإسراء: ٩٠-٩٣.

<<  <   >  >>