المصرفية التي يمكن أن تقدمها هذه البنوك دون اللجوء إلى عملية الربا في أية جهة من اتجاهاتها١.
وهناك مثال آخر حيوي وعصري هو "عقد التأمين التجاري" وهو من العقود التي نظمتها التشريعات الوضعية، وبعد التكييف الفقهي لهذا العقد استبان أنه يهدف إلى الحصول على المال في حالة تحقق الخطر، وأن شركات التأمين تبتغي اكتساب أكبر قدر من الأرباح من جراء هذا العقد، وهو فوق هذا كله بيع نقد غير محدد بنقد بالذمة. فهو يتضمن من هذه الناحية الغرر والربا، ولهذا فإن "التأمين التجاري" غير معتبر شرعا، ولكن هناك أنواعا من التأمين تقوم على فكرة التعاون والتكافل الاجتماعي، ولا يهدف المؤمن من وراء هذا التعامل الربح، كتأمين الحكومة المعاش للموظف. وعلى العلماء من الفقهاء والمتخصصين بالاقتصاد الإسلامي وغيرهم من رجال الفكر في الإسلام أن يقوموا بوزن العقود الجديدة وسائر ضروب التعامل الطارئة المستخدمة بالمعيار الإسلامي ويبينوا للناس ما يحل وما يحرم من ذلك وما يتفق مع الأحكام وما يجافيها. وبذلك يصبح المسلمون على بينة من أمرهم، فإن العلم دين، والقضايا المستحدثة إن كانت مخالفة للشريعة فلا يجوز التعامل بها.
وبهذا الدور الذي تقوم به الثقافة الإسلامية في الوقت المعاصر، فإنها تخدم الأهداف العامة للشريعة الإسلامية في كافة ميادين الحياة.
فالثقافة الإسلامية التي تقوم بواجب بناء الإنسان المسلم، تقوم في الوقت نفسه بواجب الدفاع عن حصنه ضد التيارات المعادية، وبما أن هذه التيارات قد تتطور وتلبس أثوابا جديدة، وتتخذ شعارات لها رنينها، وتظهر بأسماء براقة، وتوجد أساليب حديثة، فإن الثقافة الإسلامية يجب أن تقدم الوسيلة الدفاعية المتطورة. وأن تستعد لكل خصم يريد أن يزيف الحقائق الإسلامية، أو يشوه
١ عقد التأمين في الفقه الإسلامي والقانون المقارن، تأليف د. عباس حسني ص٥.