للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثقافة الإسلامية تربأ بالإنسان أن يندفع وراء أطماع قريبة أو جشع مادي كما أنها لا تفسح مجالا لحصول منازعات وخصومات وصراعات من أجل جر مكاسب مادية أكبر كما تصنع الثقافة المادية.

وفوق هذا كله فإن الثقافة الإسلامية تتيح لكافة المسلمين المؤمنين حياة راقية تتدرج في مدارج الكمال والتقدم العلمي لكي يبقى المسلم محافظا على التوازن بين الحياة الفردية والحياة الجماعية، بين المادة والروح، بين الدنيا والدين.

والثقافة الإسلامية هي وحدها التي تلبي الحاجات المعقولة، وتحقق الرغبات الضرورية للجنس البشري، وهي في الوقت ذاته تمنع من الانحراف الخلقي، أو الانهيار النفسي، أو الجنوح السلوكي بما تتضمنه من توجيهات ربانية وإرشادات إلهية في القيام بالتكاليف التي تهدف إلى رفع الإنسان في سلم الارتقاء الذاتي والروحي والفكري والعاطفي، بحيث يصبح المسلم المثقف ثقافة إسلامية قوة خير موجهة تألف وتؤلف وتؤدي واجبها راضية وتأخذ حقها قانعة.. وهنا تكمن عظمة الثقافة الإسلامية التي تتمثل في إقامة مجتمع صالح يعيش أفراده بأخلاقية حقيقية بين أخذ وعطاء، وأمر بمعروف ونهي عن المنكر، وإقرار للحق ورفع للظلم، وترفع عن الرذائل والدنايا وتجنب للخبث والفحش.. وبهذا تتجلى مثالية الإنسان وواقعيته فهو يأخذ من الطيبات بحدود ما أحل الله، ويبتعد عن كل خلق ذميم أو قول بذيء أو فعل مشين، كما تتجلى شخصية المسلم المتميزة. وشخصيته الجماعية المرتبطة بالجماعة الإسلامية المتماسكة بها، المتعاونة معها، الراعية لتحقيق مصالح غيرها.. كما ترعى تحقيق مصالحها تماما وهكذا تبقى الذات الإنسانية في إطار الثقافة الإسلامية في المستويين الفردي والاجتماعي عاملة ومؤثرة بتوازن والتزام.

وهذا العطاء الذي تغدقه الثقافة الإسلامية على الإنسان المسلم عطاء متفرد متميز، لم تصل إليه أية ثقافة شرقية أو غربية.

والثقافة الإسلامية تقدم الكثير والكثير للبشرية، إنها إنسانية العطاء.. "وإن المجتمعات الصناعية المتقدمة منهجيا وتجريبيا وماديا، كالمجتمعات

<<  <   >  >>