للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بثوبٍ وأَحرِمِي"، فصلَّى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في المسجد، ثم ركب القَصوَاءَ، حتى إذا استوَتْ به ناقتُه على البَيداء نظرتُ إلى مدِّ بصري بين يدَيه مِن راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثلُ ذلك، وعن يساره مثلُ ذلك، ومِن خلفِه مثلُ ذلك، ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أظهُرِنا وعليه يُنْزَلُ القرآنُ، وهو يَعرف تأويلَه، وما عمل من شيءٍ عملْنَا به، فأهلَّ بالتوحيد: "لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلكَ، لا شريكَ لك". وأهلَّ الناسُ بهذا الذي يُهلُّون به اليومَ، فلم يردَّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهم شيئًا منه. ولزم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تلبيتَه. قال جابر: لسْنَا ننَوي إلا الحجَّ، لسْنَا نَعرفُ العُمرةَ، حتى إذا أتيْنا البيتَ معه استلمَ الرُّكنَ، فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نَفَذَ إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]، فجعل المَقامَ بينَه وبينَ البيت، فكان أبي يقول -ولا أعلمُه ذكرَه إلا عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان يقرأ في الركعتَينِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ثم رجع إلى الرُّكنِ فاستلمَه، ثم خرج من الباب إلى الصَّفا، فلما دنا من الصَّفا قرأ: " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، أبدأُ بما بدأ اللَّهُ به"، فبدأ بالصَّفا، فرَقَى عليه حتى رأى البيتَ، فاستَقبلَ القِبْلةَ، فوحَّد اللَّهَ وكبَّرَه وقال: "لا إلهَ إلا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كل شيءً قديرٌ، لا إلهَ إلا اللَّهُ وحدَه، أَنجزَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ وحدَها، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاثَ مراتٍ، ثم نزل إلى المَروة حتى انصبَّت قدماه (١) في بطن الوادي، حتى إذا صعدتا مشى، حتى


(١) أي: انحدرتا بسهولة.