للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا، ألا كلُّ شيءٍ من أمر الجاهلية تحتَ قدمي موضوعٌ، ودماءُ الجاهليةِ موضوعةٌ، وإن أولَ دمٍ أَضَعُ من دمائنا دمُ ابن ربيعةَ بنِ الحارث، كان مُسترضَعًا في بني سعد فقتلَته هُذَيل، ورِبَا الجاهليةِ موضوعةٌ، وأولُ رِبًا أضعُه رِبَا (١) عباسِ بنِ عبد المطلب؛ فإنه موضوعٌ كلُّه. فاتقوا اللَّهَ في النساء؛ فإنكم أخذتُمُوهنَّ بأمانةِ اللَّهِ عز وجل، واستَحلَلتُم فروجَهنَّ بكلمةِ اللَّهِ، ولكم عليهنَّ أن لا يُوطِئنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرهُونه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبُوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف. وقد تركتُ فيكم ما لن تضلُّوا بعدَه إن اعتصمتُم به: كتابُ اللَّه، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشَهَدُ أنك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بأصبعه السبَّابة يرفعُها إلى السماء ويَنكُبُها (٢) إلى الناس: "اللهم اشهَدْ، اللهم اشهَدْ، ثلاثَ مراتٍ"، ثم أذَّن فأقامَ، فصلَّى الظهرَ، ثم أقام فصلَّى العصرَ، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركبَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أتَى الموقفَ، فجعل بطنَ ناقته القَصواء إلى الصخرات، وجعل حبلَ المُشاة بين يدَيه، واستَقبلَ القِبْلةَ، فلم يزلْ واقفًا حتى غربَتِ الشمسُ، وذهبَتِ الصُّفرةُ قليلًا حتى غاب القرصُ، وأَردفَ أسامةَ خلفَه، ودفع رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد شَنَقَ (٣) للقَصواءِ الزِّمامَ، حتى إن رأسَها لَيُصيبُ مَورِكَ (٤) رَحلِه، ويقول بيده اليمنى: "أيُّها الناسُ! السَّكينةَ، السَّكينةَ"، كلما


(١) في الهامش: "ربانا"، وعليها علامة (خ).
(٢) أي: يميلها.
(٣) أي: ضيق وضمَّ.
(٤) أي: مقدَّم.