للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال مسلم: منعني منه خلتان: إحداهما كراهية هانئ لقتله في منزله، والأخرى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن) (١).

فقال شريك: أما والله لو قتلته لاستقام لك أمرك، واستوسق (٢) لك سلطانك.

ولم يعش شريك بعد ذلك إلا أيامًا، حتى توفى، وشيع ابن زياد جنازته، وتقدم فصلى عليه، ولم يزل مسلم بن عقيل يأخذ البيعة من أهل الكوفة حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألف رجل في ستر ورفق.

وخفي على عبيد الله بن زياد موضع مسلم بن عقيل، فقال لمولى له من أهل الشام يسمى معقلًا، وناوله ثلاثة آلاف درهم في كيس، وقال: خذ هذا المال، وانطلق، فالتمس مسلم بن عقيل، وتأتَّ (٣) له بغاية التأتي.

فانطلق الرجل حتى دخل المسجد الأعظم، وجعل لا يدري كيف يتأتى الأمر، ثم إنه نظر إلى رجل يكثر الصلاة إلى سارية من سوارى المسجد، فقال في نفسه: إن هؤلاء الشيعة يكثرون الصلاة، وأحسب هذا منهم.

فجلس الرجل حتى إذا انفتل من صلاته قام، فدنا منه، وجلس، فقال: جعلت فداك، إني رجل من أهل الشام، مولى لذي الكلاع، وقد أنعم الله عليّ بحب أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحب من أحبهم، ومعي هذه الثلاثة آلاف درهم، أحب إيصالها إلى رجل منهم، بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين بن علي، فهل تدلني عليه لأوصل هذا المال إليه ليستعين به على


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٣/ ٤٥، وعبد الرزاق في مصنفه ٥/ ٢٩٨، وابن أبي شيبة في مصنفه ٧/ ٤٦٨، والطبراني في المعجم الأوسط ٦/ ١٨٦، وقد صححه الألباني، انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته ١/ ٥٤١.
(٢) استوسق: استوسق لك الأمر: أمكنك. الزبيدي: تاج العروس ٢٦/ ٤٧٣.
(٣) تأت: تأتى له: ترفق وأتاه من وجهه. الزبيدي: تاج العروس ٣٧/ ٣٨.

<<  <   >  >>