للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والسبب أنه يستبعد أن يخرج في هذه الظروف بدون حرس (١).

وبعد قتل هانئ تحرك مسلم بن عقيل بصدق لنصرته والأخذ بثأره، فرتب مسلم أنصاره ووزع ألويته وخرج لملاقاة ابن زياد ظنًّا منه أن من معه ومن يسمون أنفسهم شيعة صادقين بوعدهم لنصرته، وأصبح موقف ابن زياد خطيرًا وكاد أن يقع، لولا أنه استخدم بعض الأساليب التي تنم عن دهائه، فمنها أنه حبس أشراف الكوفة عنده وأمرهم بأن يكلموا من تحتهم ويخوفونهم بجند الشام، وبقطع العطاء والصلات، ويتمثل ذلك فيما رواه الطبري (فبعث عبيد اللّه إلى الأشراف فجمعهم إليه، ثمّ قال: أشرفوا على الناس فمَنُّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة، وخوفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة، وأعلموهم فصول الجنود من الشام إليهم) (٢).

ومنهم كثير بن شهاب حيث قال: (أيّها النّاس، ألحقوا بأهاليكم، ولا تعجلوا الشر، ولا تعرضوا أنفسكم للقتل، فإن هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت، وقد أعطى اللّه الأمير عهدًا: لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم أن يحرم ذريتكم العطاء، ويفرق مقاتلتكم في مغازي أهل الشام على غير طمع، وأن يأخذ البريء بالسقيم، والشاهد بالغائب، حتّى لا يبقى له فيكم بقية من أهل المعصية إلا أذاقها وبال ما جرت أيديها) .. (وتكلم الأشراف بنحو من كلام هذا، فلما سمع مقالتهم الناس أخذوا يتفرقون) (٣).

ولم يذكر صاحب الكتاب أن ابن زياد هددهم بالعطاء؛ ولذلك أوردت ما سبق.


(١) الشيباني: مواقف المعارضة ٣١٨.
(٢) الطبري: التاريخ ٥/ ٣٧٠.
(٣) الطبري: التاريخ ٥/ ٣٧٠.

<<  <   >  >>