للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليربوعي، حتى إذا دنوا أَمَرَ الحسين فتيانه أن يستقبلوهم بالماء، فشربوا، وتغمرت خيلهم، ثم جلسوا جميعًا في ظل خيولهم، وأعنتها في أيديهم حتى إذا حضرت الظهر قال الحسين للحر: أتصلي معنا، أم تصلي بأصحابك وأصلي بأصحابي؟ قال الحر: بل نصلي جميعًا بصلاتك. فتقدم الحسين، فصلى بهم جميعًا. فلما انفتل (١) من صلاته حوَّل وجهه إلى القوم، ثم قال: أيها الناس، معذرة إلى الله، ثم إليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمتْ عليّ رسلكم، فإن أعطيتموني ما اطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم دَخَلْنَا معكم مصركم، وإن تكن الأخرى انصرفت من حيث جئت.

فأسكتَ القوم، ولم يردوا عليه، حتى إذا جاء وقت العصر نادى مؤذن الحسين، ثم أقام، وتقدم الحسين، فصلى بالفريقين، ثم انفتل إليهم، فأعاد مثل القول الأول.

فقال الحر بن يزيد: والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر.

فقال الحسين: ائتني بالخرجين اللذين فيهما كتبهم.

فأتى بخرجين مملوءين كتبًا، فنثرت بين يدي الحر وأصحابه، فقال له الحر: يا هذا، لسنا ممن كتب إليك شيئًا من هذه الكتب، وقد أمرنا ألا نفارقك إذا لقيناك أو نقدم بك الكوفة على الأمير عبيد الله بن زياد. فقال الحسين: الموت دون ذلك.

ثم أمر بأثقاله، فحُمِلَتْ، وأمر أصحابه، فركبوا، ثم ولى وجهه منصرفًا نحو الحجاز، فحال القوم بينه وبين ذلك، فقال الحسين للحر: ما الذي تريد؟، قال: أريد والله أن أنطلق بك إلى الأمير عبيد الله بن زياد، قال الحسين: إذن والله أنابذك الحرب.


(١) انفتل: انصرف من صلاته. ابن منظور: لسان العرب ١١/ ٥١٤.

<<  <   >  >>