للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجواب على ذلك أقول: إن خير شاهد على عدم تصويب أهل المدينة في خلعهم ليزيد هو ما رُوِيَ عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- الذي دافع عن بيعة يزيد وحذر من خلعه ومن ذلك:

ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيعٍ حين كان من أمر الحرّة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرّحمن وسادةً، فقال: إنّي لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدّثك حديثًا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله: «من خلع يدًا من طاعةٍ، لقي الله يوم القيامة لا حجّة له، ومن مات وليس في عنقه بيعةٌ، مات ميتةً جاهليّةً» (١).

وما أخرجه البخاري عن نافع أيضًا أنه قال: (لمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية، جمع ابن عمر، حشمه وولده، فقال: إنّي سمعت النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ينصب لكلّ غادرٍ لواءٌ يوم القيامة» وإنّا قد بايعنا هذا الرّجل على بيع اللّه ورسوله، وإنّي لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع اللّه ورسوله ثمّ ينصب له القتال، وإنّي لا أعلم أحدًا منكم خلعه، ولا بايع في هذا الأمر، إلّا كانت الفيصل بيني وبينه) (٢).

رأينا في هذين الخبرين الصحيحين كيف أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وقف وقفة حازمة للدفاع عن بيعة يزيد، وأنه نهى من حوله عن ذلك، وذكَّرَهم بالوعيد المترتب على خلع البيعة دونما سبب يذكر ولو كان هنا سبب لجادله به عبد الله بن مطيع -رضي الله عنه- ولكن لا شيء يذكر أنها الفتنة.

أما ما ينسب إلى يزيد بن معاوية من المنكرات والتي جعلت سببًا لخلعه، فقد قمت بحصر ما استطعت من النصوص لأعرف أصول الخبر


(١) الصحيح ٣/ ١٤٧٨.
(٢) الصحيح ٩/ ٥٧.

<<  <   >  >>