للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يذكر في كتاب النبات الأسلوب الأعم، الذي اعتمد في كتاب الأخبار الطوال، وهي كلمة: (قالوا) إلا قليلًا لا يكاد يذكر، بل كان يستخدم قوله: (قال بعض الرواة)، (أخبرني بعض الأعراب) (١).

٢ - كتابه النبات كان غاية في الإتقان زاخرًا بالعلم والمعرفة، وقد أُثْنِيَ عليه فيه. قال عنه ابن الساعي: (وكتاب النبات لم يصنَّف مثله في معناه) (٢)، على العكس من كتاب الأخبار الطوال الذي يكثر فيه الخلط والوهم والتقديم والتأخير.

٣ - في كتاب النبات يرجح ويضعف ويأتي بالقول والقول الآخر، ومن أساليبه: فزعم آخرون، وزعم فلان، أما كتاب الأخبار الطوال فصاحبه يعتمد على رواية واحدة يبني عليها قوله.

٤ - وفي كتاب النبات يستشهد بالأبيات الشعرية ويبين في كل مرة بحرها من الشعر، وهذا لم يكن في الأخبار الطوال.

ومن أمثلة ذلك قوله من كتابه النبات: (ومما يشبه الحناء ويقويه على التسويد الصبيب، وقد أكثروا فيه فزعم أنه نقاعة أو طبيخ شجرة تكون بالحجاز يصبغ بها، ولم يبينوا أكثر من هذا، وزعم آخرون أنه طبيخ شجرة تشبه الذاب، وزعم آخرون أنه ماء شجرة السمسم، وزعم آخرون أنه نقاعة حناء تصب على حناء فتعجن بها، كل ذلك قد سمعتُ، والاختلاف فيه ليس من قبل الصبيب، هذه المياه كلها صبيب، ولكن من قبل الأشياء التي أخذ صبيبها فالصبيب واحد وما استل منه شتى، والشاهد على ذلك قول العجاج يصف فحلًا من الإبل فقال (من الرجز):


(١) المصدر السابق صفحة ٢٠٨.
(٢) ابن الساعي: الدر الثمين ٢٥٧.

<<  <   >  >>