للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بين المختار وبين العجم الذين معه، كما قلب الرواية السابقة، وكأنه يريد أن يثبت أن العرب قاتلوا المختار دفاعًا عن مكانتهم، وليس لأنه كاذب محتال، ومما لا شك فيه أن هذا من تغيير الحقائق وقلبها، وقد ذكر نحوًا من هذا الخبر الطبري (١) عن أبي مخنف، وذكر فيه معاتبة أهل الكوفة للمختار أنه قرب الموالي، وجعل لهم الفيء، فرضي المختار أن يجيب لهم كل ما أرادوا واشترط عليهم نصرته على بني أمية ولكنهم أجمعوا على حربه.

وهذه الرواية وُجِدَ ما يعارضها ويناقضها من أبي مخنف نفسه راوي الخبر، فقد ذكر في رواية أخرى المآخذ التي أخذها أهل الكوفة على المختار ومنها قولهم: (إنه تأمَّر علينا بغير رضًا منا، وزعم أن ابن الحنفية بعثه إلينا، وقد علمنا أن ابن الحنفية لم يفعل، وأطعم موالينا فيئنا، وأخذ عبيدنا، فحرَّبَ بهم يتامانا وأراملنا، وأظهر هو وسبئيته البراءة من أسلافنا الصالحين) (٢).

وبهذه الروية نجد أن أهل الكوفة وجدوا على المختار مجموعة من المآخذ التي حملتهم على قتاله.

وأما قوله فجلُّ أصحاب المختار من همدان، فهذا أيضًا لا يكون على إطلاقه فقد اشتركت همدان ضده مع أهل الكوفة بقيادة عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني (٣)، بل يروى أنه وبعد معركة جبانة السبيع أسر المختار من الهمدانيين خمسمائة أسير (٤).

ثم ذكر صاحب الكتاب في هذه الرواية أن ربيعة خذلوا أهل الكوفة وانحازوا إلى المختار، فلم أجد مَنْ تابعه على ذلك، ثم إنه وُجِدَتْ رواية


(١) التاريخ ٦/ ٤٣.
(٢) الطبري: التاريخ ٦/ ٤٤.
(٣) الطبري: التاريخ ٦/ ٤٥.
(٤) البلاذري: التاريخ ٦/ ٤٠١.

<<  <   >  >>