للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيته بزمزم، وتوعدهم بالقتل والإحراق؛ وذلك لأنهم كرهوا بيعته حتى تجتمع عليه الأمة، وأن المختار أرسل جيشًا لنجدتهم، ولكن محمد ابن الحنفية أبى عليهم أن يقاتلوا في الحرم (١)، وهذا لايصح منه شيء لأنه من طريق المدائني وأبي مخنف.

ومما سبق من النصوص نجد قَدْحًا ومبالغة واضحة بسياسة عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، وعبد الملك بن مروان تجاه محمد ابن الحنفية، والمستفيد من هذا في المقام الأول هم الشيعة، فلا عجب أن تجد مثل هذه الزيادات؛ ولذلك لم يثبت أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- حصر محمد ابن الحنفية ومن معه، وحاول إحراقهم، أو أنه منعه من دخول مكة لأداء العمرة.

وفي الروايات السابقة نجد أن موقف محمد ابن الحنفية يتكرر، وهو أن سبب عدم بيعته هو أنه لا يبايع في فرقة، وهذا منهج ابن عباس -رضي الله عنه- أيضًا فهو قد حذا حذوه واقتدى به.

ولم يكن ابن عباس -رضي الله عنه- مبايعًا لابن الزبير -رضي الله عنه-، ولم يكن مخالفًا أيضًا، فقد كان ابن الزبير -رضي الله عنه- يستشير ابن عباس -رضي الله عنه- في المسائل الفقهية (٢)، ثم إنه أثنى عليه ومدحه، فقد أخرج البخاري بسنده: قال ابن أبي مليكة: وكان بينهما شيءٌ، فغدوت على ابن عبّاسٍ، فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزّبير، فتحلّ حرم اللّه؟ فقال: «معاذ اللّه، إنّ اللّه كتب ابن الزّبير وبني أميّة محلّين، وإنّي واللّه لا أحلّه أبدًا»، قال: قال النّاس: بايع لابن الزّبير فقلت: «وأين بهذا الأمر عنه، أمّا أبوه: فحواريّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يريد الزّبير - وأمّا جدّه: فصاحب الغار - يريد


(١) البلاذري: الأنساب ٢/ ٢٧٦، ولم يسند الخبر، والطبري: التاريخ ٦/ ٧٥، في خبر طويل رواه عن أبي مخنف والمدائني.
(٢) الطحاوي: شرح مشكل الآثار ٩/ ٣٧٩.

<<  <   >  >>