للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال إبراهيم لمصعب: أيها الأمير، لست أشك أن عبد الملك قد كتب إلى عظماء أصحابك بنحو مما كتب إليّ، وإنهم قد مالوا إليه، فائذن لي في حبسهم إلى فراغك، فإن ظفرت مَنَنْتُ بهم على عشائرهم، وإن تكن الأخرى كنت قد أخذت بالحزم.

قال مصعب: إذن يحتجوا عليّ عند أمير المؤمنين. فقال إبراهيم: أيها الأمير، لا أمير المؤمنين والله لك اليوم، وما هو إلا الموت، فمت كريمًا. فقال مصعب: يا أبا النعمان، إنما هو أنا وأنت فنقدم للموت. قال إبراهيم: إذن، والله أفعل. قال: ولما نزلوا بدير الجاثليق (١) باتوا ليلتهم.

فلما أصبحوا نظر إبراهيم بن الأشتر، فإذا القوم الذين اتهمهم قد ساروا تلك الليلة، فلحقوا بعبد الملك بن مروان، فقال لمصعب: كيف رأيت رأيي؟.

ثم زحف بعضهم إلى بعض، فاقتتلوا، فاعتزلت ربيعة، وكانوا في ميمنة مصعب، وقالوا لمصعب: لا نكون معك ولا عليك.

وثبت مع مصعب أهل الحفاظ، فقاتلوا، وإمامهم إبراهيم بن الأشتر، فقُتِلَ إبراهيم.

فلما رأى مصعب ذلك، استمات، فترجل، وترجل معه حماة أصحابه، فقاتلوا حتى قُتِلَ عامتهم، وانكشف الباقون عن مصعب.

فحمل عليه عبد الله بن ظبيان (٢)، فضربه من ورائه بالسيف، ولا يشعر به


(١) دير الجاثليق: دير قديم البناء في مسكن قرب بغداد على غربي دجلة، وبه الحرب بين عبد الملك ومصعب بن الزبير. الحموي: البلدان ٢/ ٥٠٣.
(٢) والصحيح من اسمه هو عبيد الله بن زياد بن ظبيان العائشي التيمي، كان فاتكًا رديئًا، وهو الذي قتل مصعب بن الزبير في أرض الجاثليق واحتز رأسه وجاء به إلى عبد الملك فسجد فهم به، وكان يقول: ليتني قتلته فأكون قتلت ملكي العرب، ويذكر أن الذي قتله هو زائدة بن قدامة وقال: يا لثأرات المختار. الفسوي: المعرفة والتاريخ ٣/ ٣٣١، الطبري: التاريخ ٦/ ١٥٩، ابن ماكولا: الإكمال ٦/ ٣٧٨.

<<  <   >  >>