للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما عن علاقة عبد الملك بأبناء يزيد فهي حسنة تنفي ما جاء في هذا الخبر من امتحان بيعتهما من قبل عبد الملك، ومن ذلك ما قد رُوِيَ عن عبد الملك أنه كان يستشير خالد بن يزيد (١) ومعنى ذلك أنه يثق به ويقربه.

وقد انفرد صاحب الكتاب في اتهام عبد الملك ابنه الوليد بالفرح لموته، وتمثله بالبيت السابق، وهذا يرد عليه أن هذا الخبر حمل في طياته جملة من المخالفات وهذا منها.

ومن وصايا عبد الملك، والتي يظهر فيها حكمته وتدينه:

- (أوصى عبد الملك بنيه في مرضه الذي مات فيه فقال: أوصيكم بتقوى اللّه فإنها أزين حلية، وأحصن كهف، ليعطف الكبير منكم على الصغير، وليعرف الصغير حق الكبير، وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه نابكم الّذي عنه تفترون، ومجنكم الّذي عنه ترمون، وأكرموا الحجاج فإنه الّذي وطأ لكم المنابر، ودوَّخ لكم البلاد، وأذلّ الأعداء، وكونوا بني أم بررة لا تدب بينكم العقارب، وكونوا في الحرب أحرارًا، فإن القتال لا يُقرب منية قبل وقتها، وكونوا للمعروف منازل، فإن المعروف شيء يبقى آخره وذخره وذكره، وضعوا معروفكم عند ذوي الأحساب، فإنهم أصون له، وأشكر لما يؤتى إليهم منه، وتغمدوا ذنوب أهل الذنوب، فإن استقالوا فأقيلوا، وإن عادوا فانتقموا) (٢).

- وما وصى به أخاه عبد العزيز في ولاية على مصر بقوله: (قال له: انظر ما أوصيك به فاجعله لك إمامًا: أبسط بشرك، وألن كنفك، وآثر الرفق في الأمور فهو أبلغ بك، وانظر حاجبك فليكن من خير أهلك، فإنه وجهك ولسانك، ولا يقفنّ أحد ببابك إلا أعلمك مكانه؛ لتكون أنت الّذي تأذن له أو ترده،


(١) سبقت في هذا الكتاب استشارته في أمر النقود راجع نقد الرواية ١٤٨.
(٢) البلاذري: الأنساب ٧/ ٢٦٨.

<<  <   >  >>